روى البخاري (5590) معلقًا: عن أبي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ – يَعْنِي: الفَقِيرَ-لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ».
المعازف: الغناء.
وهذا الحديث دافع ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ عنه في « إغاثة اللهفان»، وذكر هذا والدي رَحِمَهُ اللهُ في «السير الحثيث»(60) عن ابن القيم أنه انتصر لهذا الحديث ودافع عنه، وقال: فإنه ذكر رَحِمَهُ اللهُ الأحاديث وخصوصًا هذا الحديث، وتكلم عليه ما لم يتكلم مثله أحد كعادة ابن القيم، ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ إذا تكلم في مسألة يمكن ما يستطيع أحد ممن بعده أن يأتي بمثله في الغالب، وكذلك من تقدمه، أعني: أنه يطنب، فهو تكلم على مسألة الأغاني، وأتى رَحِمَهُ اللهُ بما لم يأت أحد قبله فيما أعلم. اهـ.
وهذا ثناء بالغ على ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في سعة علمه وإتقانه، ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ تكلم على هذا الحديث في «إغاثة اللهفان»، وكذا الشيخ الألباني رَحِمَهُ اللهُ في «تحريم آلات الطرب».
وهذا الحديث صدَّرَه الإمام البخاري: قال هشام بن عمار، وهشام بن عمار من شيوخ الإمام البخاري، وهذا الحديث صحيح، أما ابن حزم رَحِمَهُ اللهُ فيضعف هذا الحديث، ومما قال في «المحلى»(7/565) عن هذ الحديث: وَهَذَا مُنْقَطِعٌ لَمْ يَتَّصِلْ مَا بَيْنَ الْبُخَارِيِّ وَصَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ وَلَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ أَبَدًا، وَكُلُّ مَا فِيهِ فَمَوْضُوعٌ، وَوَاللَّهِ لَوْ أُسْنِدَ جَمِيعُهُ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُ فَأَكْثَرَ مِنْ طَرِيقِ الثِّقَاتِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا تَرَدَّدْنَا فِي الْأَخْذِ بِهِ. اهـ.
وصدقة بن خالد من شيوخ شيوخ البخاري؛ قال الإمام البخاري: وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ. فلم يروِ الإمام البخاري مباشرة عن صدقة بن خالد، وقد رد أهل العلم على ابن حزم تضعيفه لحديث الملاهي؛ لأنه ثابت عن النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وقد أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما متصلًا إلى هشام بن عمار وشيخه أيضًا، أي: شيخ هشام بن عمار وهو صدقة بن خالد..