جديد الرسائل

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

(10) اختصار درس التفسير

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 الى 61]

﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57)﴾ قال ابن كثير : (أَيْ: هُمْ مَعَ إِحْسَانِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ وَعَمَلِهِمُ الصَّالِحِ مُشْفِقُونَ مِنَ اللَّهِ خَائِفُونَ مِنْهُ وَجِلُونَ مِنْ مَكْرِهِ بِهِمْ) والخشية والخوف متقاربان، ولكن الخشية أخص كما قال تعالى ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾[فاطر] ، والخوف والخشية من أعمال القلوب.

﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58)﴾ قال ابن كثير: (أَيْ: يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِهِ الْكَوْنِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ   (  الآيات تشمل: الكونية، والشرعية.

﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ﴾ قال ابن كثير: (أَيْ: لَا يَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ، بَلْ يُوَحِّدُونَهُ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَحَدًا صَمَدًا لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا، وَأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا كُفْءَ لَهُ). وهذا يشمل: الشرك الأكبر، والشرك الأصغر.

الشرك الأكبر هو: مساواة غير الله بالله فيما هو خاص بالله.

الشرك الأصغر هو: ما كان وسيلة وذريعة للشرك الأكبر.

معنى الصمد: في معنى الصمد أقوال منها: أن الصمد هو السيد الذي قد انتهى سؤدَدُه. ومنهم من قال: هو الذي لا جوفَ له. ومنهم من قال: هو الذي يَصمد الناسُ إليه في حوائجهم. ولا تنافي بين هذه الأقوال. وقد ذكر هذه الأقوال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في «مجموع الفتاوى». ولا تنافي بينها ولا تعارض.

﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ﴾ قال ابن كثير:  (أي: يعطون العطاء وهم خائفون وجلون ألَّا يُتَقَبَّلَ مِنْهُمْ؛ لِخَوْفِهِمْ أَنْ يَكُونُوا قَدْ قَصَّرُوا في القيام بشرط الْإِعَطَاءِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْإِشْفَاقِ وَالِاحْتِيَاطِ).

وهذا نستفيد منه: أنهم يفعلون الطاعة ويخافون ألا يُتقبل منهم؛ لأنهم يخشون أن يكونوا قصروا في القيام بشروط العبادة، فيخشى أن يكون هناك دخن: كالرياء ، والعُجب أو غير ذلك من الإرادات الفاسدة، وقد قال تعالى ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)﴾[المائدة:27]، فمِن هذا الباب يخشون عدم قبول عبادتهم، وإلا  فحسن الظن بالله واجب، يؤدي الإنسان العبادة ويحسن الظن بربه أنه يتقبل منه.

 قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (3/ 205):

وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُضَيِّعُ عَلَيْهِ عَمَلَهُ الصَّالِحَ الَّذِي عَمِلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ، وَيُبْطِلُهُ عَلَيْهِ بِلَا سَبَبٍ مِنَ الْعَبْدِ... فَقَدْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ.