جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 6 مايو 2022

(23) فقهُ التَّعاملِ بين الزوجين

 

مِنْ عَداوة المرأة لزوجها

 

-قال تعالى: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14].

 قال ابن القيم في «عدة الصابرين»(64): وليس المراد من هذه العداوة ما يفهمه كثير من الناس أنها عداوة البغضاء والمحادة، بل إنما هي عداوة المحبة الصادة للآباء عن الهجرة والجهاد وتعلم العلم والصدقة وغير ذلك من أمور الدين وأعمال البِرِّ.

 

فالمرأة بسبب ميول النفوس إليها قد تصدُّ زوجَها عن بِرِّ أبَويْه، وعن صلاته في المسجد، وعن طلب العلم النافع، وعن الآخرة، واستثمار وقتِهِ، وتفتح عليه أبوابًا كثيرةً من الشَرِّ والغفلة، وهذه هي عداوة المرأة لزوجِها وفتنتها له، وسببها عداوة المحبة والشفقة.

 

-عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: <مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً، أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ> متفق عليه.

قال الحافظ في شرح هذا الحديث: فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْفِتْنَةَ بِالنِّسَاءِ أَشَدُّ مِنَ الْفِتْنَةِ بِغَيْرِهِنَّ.

قال: وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ﴾[آل عمران: 14]،  فَجَعَلَهُنَّ مِنْ حُبِّ الشَّهَوَاتِ وَبَدَأَ بِهِنَّ قَبْلَ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ؛ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُنَّ الْأَصْلُ فِي ذَلِك.

 وَيَقَع فِي الْمُشَاهدَة حبُّ الرجل ولده مِنِ امْرَأَتِهِ الَّتِي هِيَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ حُبِّهِ وَلَدَهُ مِنْ غَيْرِهَا، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ قِصَّةُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فِي الْهِبَةِ.

وقد قال بعض الحكماء: النساء شَرٌ كلهن، وأشر ما فيهن عدم الاستغناء عنهن، مع أنها ناقصة العقل والدين، تحمل الرجل على تعاطي ما فيه نقص العقل والدين: كشغله عن طلب أمور الدين، وحمله على التهالك على طلب الدنيا، وذلك أشد الفساد.

وقال المباركفوري في «تحفة الأحوذي» (8/53) في بيان وجه ضرر فتنة الرجال بالنساء: لأن الطباع كثيرًا تميل إليهن، وتقع في الحرام لأجلهن، وتسعى للقتال والعداوة بسببهن، وأقل ذلك أن تُرَغِّبَهُ في الدنيا، وأي فساد أضر من هذا! وإنما قال: <بعدي>؛ لأن كونهن فتنة أضر ظَهَرَ بعده.

قلت: وهذا إذا لم تكن المرأة ذات دين وتُقًى، أما إذا كانت صاحبة دينٍ وإيمان فهي مفتاح خيرٍ لزوجها، وعونٌ له على طُرُقِ الخير والثبات، ومِنْ هنا حثَّ الشرع على اختيار المرأة ذات الدين والصلاح.

كما نستفيد مما تقدم: حذر الزوج من فتنة الزوجة.