جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 24 مارس 2022

(115)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

 

قال الله تَعَالَى:﴿وَمَا كُنتُم تَستَتِرُونَ أَن يَشهَدَ عَلَيكُم سَمعُكُم وَلاَ أَبصَارُكُم وَلاَ جُلُودُكُم، وَلَكِن ظَنَنتُم أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعمَلُونَ﴾ [فصلت:22].

 

﴿وَمَا كُنتُم تَستَتِرُونَ﴾ فيه ثلاثة أقوال للمفسرين:

منهم من قال:أي: يستخفون في الدنيا، وهذا قول أكثر العلماء كما في «تفسير البغوي» (7/170 و«تفسير القرطبي».

ومنهم من قال: وما كنتم تتقون.

ومنهم من قال: وما كنتم تظنون.

 والذي اختاره ابن جرير في تفسير هذه الآية(20/410) القول الأول، وقال: وَأَولَى الأَقوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَولُ مَن قَالَ: مَعنَى ذَلِكَ: وَمَا كُنتُم تَستَخفُونَ، فَتَترُكُوا رُكُوبَ مَحَارِمِ اللَّهِ فِي الدُّنيَا؛ حَذَرًا أَن يَشهَدَ عَلَيكُم سَمعُكُم وَأَبصَارُكُمُ اليَومَ، وَإِنَّمَا قُلنَا ذَلِكَ أَولَى الأَقوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّ المَعرُوفَ مِن مَعَانِي الِاستِتَارِ الِاستِخفَاءُ.

 

وقال السعدي في «تفسيره»(747):أي: وما كنتم تختفون عن شهادة أعضائكم عليكم،ولا تحاذرون من ذلك.

 

﴿وَمَا كُنتُم تَستَتِرُونَ هل هذا من مخاطبة الله للكافر أم أنه من كلام الجلود والجوارح لصاحبها أو من كلام الملَك؟ ثلاثة أقوال.

والذي استظهره أبو حيان في «البحر المحيط» (9/299) أنه من كلام الجوارح.

وقال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية:أَي: تَقُولُ لَهُمُ الأَعضَاءُ وَالجُلُودُ حِينَ يَلُومُونَهَا عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَيهِم: مَا كُنتُم تَتَكَتَّمُونَ مِنَّا الَّذِي كُنتُم تَفعَلُونَهُ، بَل كُنتُم تُجَاهِرُونَ اللَّهَ بِالكُفرِ وَالمَعَاصِي، وَلَا تُبَالُونَ مِنهُ فِي زَعمِكُم؛ لِأَنَّكُم كُنتُم لَا تَعتَقِدُونَ أَنَّهُ يَعلَمُ جَمِيعَ أَفعَالِكُم؛ وَلِهَذَا قَالَ:﴿وَلَكِن ظَنَنتُم أَنَّ اللَّهَ لَا يَعلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعمَلُونَ (22) وَذَلِكُم ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَردَاكُم،أَي:هَذَا الظَّنُّ الفَاسِدُ-وَهُوَ اعتِقَادُكُم أَنَّ اللَّهَ لَا يَعلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعمَلُونَ-هُوَ الَّذِي أَتلَفَكُم وَأَردَاكُم عِندَ رَبِّكُم، ﴿فَأَصبَحتُم مِنَ الخَاسِرِينَ (23) أَي: فِي مَوَاقِفِ القِيَامَةِ خَسِرتُم أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم.