جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 11 يناير 2022

(25) اللغة العربية

ما كان على وزن تفاعل فإنه لا يكون إلا بين اثنين.

 وهذه فائدة لغوية، مثل أن نقول: تشارك زيد وعمرو، تقاتل زيد وعمرو، تخاصم زيد وعمرو، هذه لا تكون الا بين اثنين فأكثر، فهذه الصيغة تفيد المشاركة، وهذا من عمق اللغة العربية.

  ومنه قوله تعالى: ﴿ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)﴾[الطور:23] أي: هذا يعطي صاحبه الكأس والآخر يعطيه.

قال الزجاج في «معاني القرآن» (5 / 63) وقوله: ﴿يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)﴾ معنى ﴿يَتَنَازَعُونَ﴾ يتعاطون فيها كأسًا، يُتَناول هذا الكأس من يد هذا، وهذا من يد هذا. اهـ.

ومنه حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ، قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ» قَالَ: وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ﴾ [الفرقان: 68]. رواه البخاري (4761) ومسلم (86).

لم يقل النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: تزني، وقد علق والدي رَحِمَهُ الله على هذه اللفظة، وقال: أتى بلفظة «تُزَانِيَ» وهذا معناه أن فيه اتفاقًا بين الطرفين، أو نحو هذا.

قال الصنعاني في «سبل السلام» (2 / 634): قَوْلُهُ « أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِك» أَيْ: بِزَوْجَتِهِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ وَعَبَّرَ «بِتُزَانِيَ»؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ تَزْنِي بِهَا بِرِضَاهَا.

وقال الشيخ ابن عثيمين في «شرح بلوغ المرام»(6/ 289): فلماذا قال: «تزاني»؟ لأن «تزاني» فيه نوع معالجة، وهذه المعالجة يحتمل أن تكون معالجة على الفعل أو معالجة على الترك، أما المعالجة على الفعل فيعني أن الحليلة توافق على هذا وتنقاد، وأما المعالجة على الترك فيعني: أن الحليلة - حليلة الجار - تأبى، ولكن يكرهها أو يخدعها أو غير ذلك، وعلى كل حال فالمفاعلة تدل على اشتراك اثنين فأكثر فيها.