[سورة الحج (22) : الآيات 75 الى 76]
﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا﴾إلى قوله: ﴿ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76)﴾
﴿اللَّهُ يَصْطَفِي﴾ أي: يختار، كما قال تعالى ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾[القصص].
﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ﴾ قال ابن كثير: أَيْ: يَعْلَمُ مَا يَفْعَلُ بِرُسُلِهِ فِيمَا أَرْسَلَهُمْ بِهِ، فلا يخفى عليه شيء من أمورهم.
﴿ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ أي: تصير الأمور، فالأمور راجعة إلى الله في الدنيا والآخرة .
من الفوائد:
-عظمة الذين اختارهم الله لرسالته، والرسل على قسمين : رسل من الملائكة. ورسل من الناس، أي: من البشر. الرسل من الملائكة: واسطة يبلغون شرع الله إلى الرسل من البشر. والرسل من البشر: يبلغونه إلى الناس، وهذه منة من الله إذ أرسل إلى البشر من جنسهم فإنهم لا يتحملون رؤية الملائكة على صورهم.
-طِيبُ معدن الرسل وأنهم صفوة الخلق وأفضلهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ في «مجموع الفتاوى»(11/ 221): وَقَدْ اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَسَائِرُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ لَيْسُوا بأنبياء. اهـ المراد.
-أن النبوة والرسالة لا تكون بالاكتساب والعمل كما يقول الفلاسفة: إنها تكتسب بالخلوة والتقوى ورياضة النفوس على طاعة الله.
لكنها منحة وتفضُّل من الله على من شاء من عباده، وكما قال الله: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ﴾.
-محبة الرسل؛ لأن الله اختارهم لذلك واصطفاهم، والحرص على اتباعهم.
-في هذه الآية وما شابهها من اختيار الله لما يشاء ومن شاء دليل على حكمة الله وعلمه الشامل وقدرته التامة ووحدانيته.
-قوله : ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76)﴾ الآية في سياق الرسل، ولكن قد دلت الأدلة المتكاثرة على شمول علم الله عز وجل وعمومه، قال الله: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)﴾[طه:110 ].
-وفيه سعة علم الله وأنه لا يخفى عليه شيء.
-أن تصريف الأمور بيد الله راجعة إليه في الدنيا والآخرة.