مقتطف من الرسالة الخامسة: سعادة المرأة المسلمة
شرح حديث: أربع من السعادة.
عن سعد بن أبي وقاص قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ، وَأَرْبَعٌ مِنَ الشَّقَاوَةِ: الْجَارُ السُّوءُ، وَالْمَرْأَةُ السوء، والمسكن الضيق، والمركب السوء» رواه ابن حبان (4032).
هذا الحديث العظيم اشتمل على ذِكْر أربعة أشياء يسعد بها الرجل وتسعد بها المرأة:
الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ: وهي صاحبة الدين، والعِفَّة، والأمانة. وأيضًا من سعادة المرأة: الزوج الصالح صاحب الدين والأخلاق، والذي تتلاءم الطِّباع وتتفق معه.
الْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ: الذي يسع الأهل والأولاد والضيف.
وفيه من الإعانة على اللجوء في جهةٍ هادئةٍ خاليَة من التشويش، وقت العبادة والصلاة والحفظ والمراجعة؛ ولهذا من الأدعية المشروعة: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي» رواه الترمذي (3500) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وحسَّنه الشيخ الألباني رحمه الله في «صحيح الجامع»(1265).
الْجَارُ الصَّالِحُ: الذي ينفع جاره ويكف أذاه عنه.
ومن أعظم الحقوق حقوق الجيران، كما قال النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ» رواه الترمذي (1944) عن عبد الله بن عمرو، وهو في «الصحيح المسند» (793) لوالدي رَحِمَهُ الله.
الْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ: ما يُركب من دابَّةٍ وسيارةٍ ونحو ذلك.
والهنيء: المُريح في السُّرعة، والأمن من الحوادث والمكروهات، ويوصله إلى المطلوبِ بأمان واطمئنان.
ويستحب لمن تزوج أو اشترى دابة أن يقول هذا الدعاء: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا، وَخَيْرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ» رواه ابن ماجه (1918) بسند حسن عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما.
هذه الأربعة الأمور المذكورة سابقًا من أمور السعادة الدنيوية، توفرُّها يُشْعِر بالراحة والطمأنينة وانشراح الصدر، وتعين بإذن الله على أمور الآخرة لمن وفِّق.
ومقابلها أربعة أشياء تشقى بها الحياة، وهي:
الْجَارُ السُّوءُ: الذي يؤذي جاره ولا يأمن من شرِّه.
الْمَرْأَةُ السوء: التي تؤذي زوجها ولا تُطيعه.
المسكن الضيق: الذي لا يسع أهله.
المركب السوء: الذي يُتعب صاحبَه.
هذه الأشياء نكبة وشقاوة، ومجلبَة للانزعاج والضيق والتعاسة.
والمراد بالشقاوة في هذا الحديث: العناء والتعب، قال تعالى: ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى(117)﴾[ طه].
ويستفاد من هذا الحديث:
-الحرص على الأسباب الجالبة للسعادة.
-الحث على اختيار المرأة الصالحة، والرجل الصالح؛ لأنه بذلك تسعد الحياة، وتُبنَى على أساسٍ قويٍّ، ويحصل التعاون بين الزوجين على البِرِّ وأمور الحياة، وينشأ الأولاد بين أبوين سعيدَين، جادَّين في رعاية أولادهما.
-أن السكن الواسع من أسباب السعادة.
-الحث على تحرِّي الجار الصالح، وأنه سعادة.
-سعادة المركب الهنيء.
-أن عكسَ هذه الأمورِ من أسباب الشقاوة.