[سورة الحج (22):الآيات 55 الى 57]
﴿وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ﴾ إلى قوله ﴿لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (57)﴾
﴿ فِي مِرْيَةٍ ﴾ أَيْ: فِي شَكٍّ وريبة.
﴿ مِنْهُ ﴾ فيه قولان أحدهما: أن الضمير عائد إلى القرآن،أَيْ: فِي شَكٍّ وريب من هذا القرآن، وهذا اختاره ابن جرير.
الثاني: أنه يعود إلى ما ألقاه الشيطان.
﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً﴾ أي: فجأة.والساعة: يوم القيامة قول لبعض المفسرين، وقال بعضهم: الساعة هنا: الموت.
﴿ يَوْمٍ عَقِيمٍ ﴾ فيه قولان: الأول:هو يوم بدر، وهذا قول الأكثرين؛ لأنه ذكر الساعة من قبل وهو يوم القيامة.انظري «تفسير البغوي» (3 /348 )،وهذا اختيار ابن جرير.
القول الثاني: أنه يوم القيامة، وهذا قول بعض المفسرين، ورجحه ابن كثير بدليل ما جاء بعد الآية: ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56)﴾[الحج:56 ].
﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ﴾ قال الحافظ ابن كثير: أَيْ آمَنَتْ قُلُوبُهُمْ وَصَدَّقُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَعَمِلُوا بِمُقْتَضَى مَا عَلِمُوا،وَتَوَافَقَ قُلُوبُهُمْ وَأَقْوَالُهُمْ وَأَعْمَالُهُمْ.
﴿ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ أَيْ لَهُمُ النَّعِيمُ الْمُقِيمُ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ وَلَا يَبِيدُ.
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ أَيْ كَفَرَتْ قُلُوبُهُمْ بِالْحَقِّ وَجَحَدُوا بِهِ،وَكَذَّبُوا بِهِ وَخَالَفُوا الرُّسُلَ وَاسْتَكْبَرُوا عَنِ اتِّبَاعِهِمْ
﴿فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ﴾ أَيْ مُقَابَلَةُ اسْتِكْبَارِهِمْ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْحَقِّ. اهـ.
من الفوائد:
-تحذير الكفار من عنادهم وكفرهم، فيوم القيامة واقع لا محال.وهنالك يندمون ويتحسرون، ولا ينفعهم الندم.
-وفيه وصف يوم القيامة بأنه يوم عقيم على أحد التفسيرين؛ لأنه لا يوم بعده.
- أن الملك يوم القيامة لله:﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)﴾[الفاتحة:4 ]، والله مالك الأولى ولأخرى، ولكن يوم القيامة لا ينازع اللهَ أحد في ملكه، كما في الحديث الثابت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ،وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ:أَنَا المَلِكُ،أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ» رواه البخاري (6519)،ومسلم (2787). بخلاف الدنيا فقد يملك الإنسان في الصورة بعض الأشياء، والله مالك الأولى والأخرى.
-وفي الآية أن الله يحكم بين عباده يوم القيامة فالمؤمنون يدخلون جنات النعيم، والكافرون لهم الذلة والخزي والمهانة.