جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 21 سبتمبر 2021

(112)الإجابةُ عن الأسئلةِ

 


هذا سؤالٌ لأخت:

ما حكم الصدقة مع طلب الدعاء من المتصدَّق عليها تتصدق وتقول ادعي لي؟

الجواب:

ذكر هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية كما في « مجموع الفتاوى»(1/188)، وقال: وَكَانَ مِنْ كَمَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ مَا يَعْمَلُهُ إلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى، لَا يَطْلُبُ جَزَاءً مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ، لَا الْمَلَائِكَةِ وَلَا الْأَنْبِيَاءِ وَلَا غَيْرِهِمْ.

وَمِنْ الْجَزَاءِ أَنْ يَطْلُبَ الدُّعَاءَ، قَالَ تَعَالَى عَمَّنْ أَثْنَى عَلَيْهِمْ: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)[الإنسان].

وَالدُّعَاءُ جَزَاءٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «مَنْ أَسْدَى إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ بِهِ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ».

وَكَانَتْ عَائِشَةُ إذَا أَرْسَلَتْ إلَى قَوْمٍ بِصَدَقَةِ تَقُولُ لِلرَّسُولِ: اسْمَعْ مَا يَدْعُونَ بِهِ لَنَا، حَتَّى نَدْعُوَ لَهُمْ بِمِثْلِ مَا دَعَوْا لَنَا وَيَبْقَى أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ.

وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إذَا قَالَ لَك السَّائِلُ: بَارَكَ اللَّهُ فِيك، فَقُلْ: وَفِيك بَارَكَ اللَّهُ.

فَمَنْ عَمِلَ خَيْرًا مَعَ الْمَخْلُوقِينَ سَوَاءٌ كَانَ الْمَخْلُوقُ نَبِيًّا أَوْ رَجُلًا صَالِحًا أَوْ مَلِكًا مِنْ الْمُلُوكِ أَوْ غَنِيًّا مِنْ الْأَغْنِيَاءِ، فَهَذَا الْعَامِلُ لِلْخَيْرِ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ خَالِصًا لِلَّهِ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، لَا يَطْلُبُ بِهِ مِنْ الْمَخْلُوقِ جَزَاءً وَلَا دُعَاءً وَلَا غَيْرَهُ، لَا مِنْ نَبِيٍّ وَلَا رَجُلٍ صَالِحٍ وَلَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. اهـ.

 

قلت: نص أثر عائشة:

عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ،عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فَقَالَ: «اقْسِمِيهَا». قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا رَجَعَتِ الْخَادِمَ قَالَتْ: مَا قَالُوا لَكِ؟ تَقُولُ مَا يَقُولُونَ يَقُولُ: بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ فَتَقُولُ عَائِشَةُ: وَفِيهِمْ بَارَكَ اللهُ، ترُدُّ عَلَيْهِمْ مِثْلَ مَا قَالُوا، وَيَبْقَى أَجْرُنَا لَنَا.

رواه النسائي في «الكبرى»(9/121): أَخْبَرَنَا طَلِيقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ. وإسناده حسن؛ فيه يزيد بن زياد وهو الأشْجَعِي، وشيخه عبيد بن أبي الجعد، صدوقان.

وذكره النووي رحمه الله في «الأذكار»(311) تحت ترجمة: بابُ استحبابِ مُكافأةِ المُهْدي بالدعاءِ للمُهْدَى له إذا دَعا له عندَ الهدية.

ونستفيد من الأثر: أن من دُعي له: بارك الله فيك، يرد ويقول: وفيك بارك الله.

وقول أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَيَبْقَى أَجْرُنَا لَنَا. أي: الأجر الكامل.

وينبغي للمُحْسَن إليه أن يدعو من قِبَل نفسه؛ لما أخرج أبو داود في سننه (1672) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ ». والحديث في الصحيح المسند (1/361) لوالدي رَحِمَهُ الله.