جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 26 أغسطس 2021

(23)الآداب

 

عَدَمُ الإيماءِ بالعَيْن

عن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في شأن الذي اشتد قتاله في الصحابة، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ عَلَيَّ نَذْرًا إِنْ جَاءَ اللَّهُ بِالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْمَ يَحْطِمُنَا لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجِيءَ بِالرَّجُلِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُبْتُ إِلَى اللَّهِ، فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُبَايِعُهُ، لِيَفِيَ الْآخَرُ بِنَذْرِهِ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَتَصَدَّى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِيَأْمُرَهُ بِقَتْلِهِ، وَجَعَلَ يَهَابُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَقْتُلَهُ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَصْنَعُ شَيْئًا بَايَعَهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَذْرِي؟ فَقَالَ: «إِنِّي لَمْ أُمْسِكْ عَنْهُ مُنْذُ الْيَوْمَ إِلَّا لِتُوفِيَ بِنَذْرِكَ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ».

 رواه أبو داود(3194).

والحديث حسن؛ من أجل نافع أبي غالب، وقد ذكرالحديث والدي في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين»( 119).

وفيه تنزيه الأنبياء عن الإيماضِ بالعين.

قال الخطابي في «معالم السنن»(1/314): الإيماض الرمز بالعين والإيماء بها، ومنه وميض البرق وهو لمعانه.

ومعنى «لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ»: أنه لا يجوز له فيما بينه وبين ربه عز وجل أن يضمر شيئا ويظهر خلافه؛ لأن الله تعالى إنما بعثه بإظهار الدين وإعلان الحق، فلا يجوز له ستره وكتمانه؛ لأن ذلك خداع، ولا يحل له أن يؤمن رجلا في الظاهر ويخفره في الباطن. اهـ.

ولا يعني هذا أنه من خصائص الأنبياء، فقد قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾[ الأنعام: 90].

ولكنه يدل على رفيع مكانة الأنبياء وتنزيههم عن هذه الصفة، فينبغي التأسي بهم وترك الإيماء بالعين، وهذه العادة اعتادها بعض الناس، وخاصة في تخاطبهم مع أطفالِهم.