جديد الرسائل

الخميس، 24 ديسمبر 2020

(82)الإجابةُ عن الأسئلةِ

بسم الله الرحمن الرحيم

❖❖❖❖❖❖

السؤال: أحسن ربي إليك أخت لنا تقول: كيف أثبِّت الأحاديث مثلًا إذا حفظت رياض الصالحين فكيف أراجعه؟

الجواب: تثبيت المحفوظات بعون الله عز وجل يكون بالأسباب التالية:

- الإخلاص لله عز وجل، فلابد في الحفظ وتثبيت المحفوظات من الإخلاص، وفي هذا عون على الحفظ والتثبيت.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمَّا وَدَّعْتُ سُفْيَانَ قَالَ: أَمَا إِنَّكَ سَتُبْتَلَى بِهَذَا الْأَمْرِ وَإِنَّ النَّاسَ سَيَحْتَاجُونَ إِلَيْكَ فَاتَّقِ اللَّهَ وَلْتُحْسِنْ نِيَّتَكَ فِيهِ. أخرجه الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (1781).

-الدعاء، فنعم العون الدعاء على شؤونك ومهامِّك. ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا»، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: «اللهُ أَكْثَرُ». رواه أحمد (17/ 213)، وهو في «الصحيح المسند»  (412) لوالدي رَحِمَهُ الله.

فإذا دعا الإنسان ربه فالله يعطيه أكثر من الحاجة التي دعا الله أن يجيبه فيها.

-البعد عن المعاصي عون عظيم على تثبيت المحفوظات، أما المعاصي فهي ممحقة للعلم، وتذهب بركته، ومن أسباب النسيان، قال الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ [الأنفال:29].

والشاعر يقول:

شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي.. فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي

وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ ..وَنورُ اللَهِ لا يُهدى لِعاصي.

- العمل بالأدلة، فأي دليل تحفظينه احرصي على العمل به، إن كان واجبًا فهذا من الواجبات التي لا مفر لأحدٍ منها، وإن كان يدل على الاستحباب فسابقي إليه، وإن كان فيه نهى فاجتنبيه سواء كان النهي للتحريم أو للكراهة.

قال ابن القيم في «مفتاح دار السعادة» (1/ 172):الْعَمَل بِهِ يُوجب تذكره وتدبره ومراعاته وَالنَّظَر فِيهِ، فَإِذا أهمل الْعَمَل بِهِ نَسيَه، قَالَ بعض السّلف: كُنَّا نستعين على حفظ الْعلم بِالْعَمَلِ بِهِ. وَقَالَ بعض السّلف أيضًا: الْعلم يَهْتِف بِالْعَمَلِ فَإِن أجابه حل وإلا ارتحل.

فَالْعَمَل بِهِ من أعظم أسباب حفظه وثباته، وَترك الْعَمَل بِهِ إضاعةٌ لَهُ. فَمَا استُدر الْعلم وَلَا استجلب بِمثل الْعَمَل، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ﴾. اهـ.

-الصبر، فلابد من الصبر في المحافظة على المحفوظات، قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) ﴾ [السجدة]. 

والنفس تهرب من الحفظ والمراجعة فلابد من ترويضها على ذلك.

والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على... حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم

فبتعود النفس على الحفظ والمراجعة تستجيب بإذن الله عز وجل،وترتاح به.

-أيضًا التكرار والمراجعة فحياة العلم مذاكرته. وقد  كان ابْنُ شِهَابٍ يَسْمَعُ الْعِلْمَ مِنْ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ، فَيَأْتِي إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَيُوقِظُهَا، فَيَقُولُ: اسْمَعِي حَدَّثَنِي فُلَانٌ كَذَا وَفُلَانٌ كَذَا، فَتَقُولُ: مَالِي وَمَا لِهَذَا الْحَدِيثِ؟ فَيَقُولُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ لَا تَنْتَفِعِينَ بِهِ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ الْآنَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَذْكِرَهُ. كما في «الجامع لأخلاق الراوي»( 1824).وما تكرَّر تقرَّر.

-اجعلي لك وقتًا للمراجعة، في وقت النشاط وصفاء الذهن، مثل: آخر الليل، وبعد صلاة الفجر، وبعد صلاة العصر، وبين مغرب وعشاء، كلها أوقات طيبة ومناسبة في الغالب.

وفي وقت يسير يفتح الله ،وإنما هو الاستعانة بالله، والعزم، والصبر ،وبعد ذلك يصير عندك سلسلًا بإذن الله،ويجري على لسانك بلا مشقة فيه،وكأنك تقرأين من كتاب.وما ذلك على الله بعزيز.