جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 12 ديسمبر 2020

(80)الإجابةُ عن الأسئلةِ

 بسم الله الرحمن الرحيم

❖❖❖❖❖❖

أسئلة

 السؤال: ما حكم قول: ساعده القَدَرُ على كذا؟

لفظة (ساعده القدر) استعملها بعض العلماء كابن القيم، وهو من أهل العقيدة الصحيحة.

ونذكر موضعين فيها ذكر هذه العبارة:

قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في «إغاثة اللهفان» (1/ 113) في سياق كلامه على أكل أبينا آدم عليه السلام من شجرة الخلد، قال: ولم يكن آدم عليه السلام قد علم أنه يموت بعد، واشتهى الخلود في الجنة، وحصلت الشبهة من قول العدو وإقسامه بالله جهد أيمانه، أنه ناصح لهما، فاجتمعت الشبهة والشهوة، وساعده القدر. اهـ.

قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في «زاد المعاد»(3/ 407- 408وهو يتكلم على عبد الله بن سعد بن أبي سرح: «فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ أَتَى بِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَايِعَهُ فَأَمْسَكَ عَنْهُ طَوِيلًا، ثُمَّ بَايَعَهُ وَقَالَ: (إِنَّمَا أَمْسَكْتُ عَنْهُ لِيَقُومَ إِلَيْهِ بَعْضُكُمْ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلَّا أَوْمَأْتَ إِلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ ) فَهَذَا كَانَ قَدْ تَغَلَّظَ كُفْرُهُ بِرِدَّتِهِ بَعْدَ إِيمَانِهِ وَهِجْرَتِهِ وَكِتَابَةِ الْوَحْيِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ يَطْعَنُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيَعِيبُهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَلَمَّا جَاءَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ لَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ حَيَاءً مِنْ عثمان، وَلَمْ يُبَايِعْهُ لِيَقُومَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَيَقْتُلَهُ، فَهَابُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْدِمُوا عَلَى قَتْلِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَاسْتَحْيَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عثمان، وَسَاعَدَ الْقَدَرُ السَّابِقُ لِمَا يُرِيدُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بعبد الله مِمَّا ظَهَرَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفُتُوحِ، فَبَايَعَهُ وَكَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ - أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ - خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران: 86 - 89]. اهـ.

وليس المراد نسبة الفعل إلى القدر، ولكن هذا من باب التوسع في العبارات، وقد يكون تركه أفضل، والله أعلم.

❖❖❖❖❖❖

السؤال: هل يجوز قول شاءت الأقدار؟

الجواب: هذه فتوى الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله في هذه المسألة في «مجموع فتاوى ورسائل العثيمين» (3/ 113- 114): سئل فضيلة الشيخ: عن قول: (شاءت الظروف أن يحصل كذا وكذا)، (وشاءت الأقدار كذا وكذا)؟ .

فأجاب قائلًا: قول: (شاءت الأقدارو(شاءت الظروف) ألفاظ منكرة؛ لأن الظروف جمع ظرف وهو الزمن، والزمن لا مشيئة له، وكذلك الأقدار جمع قدر، والقدر لا مشيئة له، وإنما الذي يشاء هو الله عز وجل، نعم لو قال الإنسان: (اقتضى قدر الله كذا وكذا). فلا بأس به. أما المشيئة فلا يجوز أن تضاف للأقدار؛ لأن المشيئة هي الإرادة، ولا إرادة للوصف، إنما الإرادة للموصوف.

وسئل رحمه الله: عن حكم قول: (وشاءت قدرة الله ) و(شاء القدر

فأجاب بقوله: لا يصح أن نقول: (شاءت قدرة اللهلأن المشيئة إرادة، والقدرة معنى، والمعنى لا إرادة له، وإنما الإرادة للمريد، والمشيئة لمن يشاء، ولكننا نقول: اقتضت حكمة الله كذا وكذا، أو نقول عن الشيء إذا وقع: هذه قدرة الله أي: مقدوره، كما تقول: هذا خلق الله أي: مخلوقه. وأما أن نضيف أمرًا يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز.

ومثل ذلك قولهم: (شاء القدر كذا وكذا) وهذا لا يجوز؛ لأن القدر والقدرة أمران معنويان ولا مشيئة لهما، وإنما المشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدّر. والله أعلم. اهـ.

❖❖❖❖❖❖

السؤال: هل لديك دروس للنساء طالما أننا نساء، ولا نستطيع الجلوس لطلب العلم عند الرجال، وأنا أريد طلب العلم، ولم أدخل الجامعة؟

الجواب: يسر الله لنا ولكُنَّ سبل العلم النافع، حاليًّا الذي عندي من نشر العلم والدروس هو ما ييسر الله سبحانه من نشره في المدونة والقناة على التليجرام، ونسأل الله الإعانة.

❖❖❖❖❖❖

السؤال: تسأل أخت لنا عن هذا الذي وصل إليها في قصة: (كلب ينتصر لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم) وقد ساقتها كما وصلت إليها وتسأل عن صحتها؟

هذه القصة أخرجها بسنده الذهبي في «معجم الشيوخ الكبير» (2/ 55) ترجمة شيخه علي بن مرزوق قال: حَدَّثَنَا الزَّيْنُ عَلِيُّ بْنُ مَرْزُوقٍ بن أبي الحسن، بِحَضْرَةِ شَيْخِنَا تَقِيِّ الدِّينِ الْمِنْصَاتِيِّ، سَمِعْتُ الشَّيْخَ جَمَالَ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الطَّيْبِيَّ ابْنَ الْوَاصِلِيِّ يَقُولُ فِي مَلإٍ مِنَ النَّاسِ: حَضَرْتُ عِنْدَ سونجق خزندار هُولاكُو وَأَبَغَا، وَكَانَ مِمَّنْ تَنَصَّرَ مِنَ الْمَغُولِ، وَذَلِكَ فِي دَوْلَةِ أَبَغَا فِي أَوَّلِهَا، وَكُنَّا فِي مُخَيَّمِهِ، وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْمَغُولِ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ النَّصَارَى فِي يَوْمِ ثَلْجٍ، فَقَالَ نَصْرَانِيٌّ كَبِيرٌ لَعِينٌ: أَيُّ شَيْءٍ كَانَ مُحَمَّدٌ؟ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَاعِيًا، وَقَامَ فِي نَاسٍ عَرَبٍ جِيَاعٍ فَبَقِيَ يُعْطِيهِمُ الْمَالَ وَيَزْهَدُ فِيهِ فَيَرْبُطُهُمْ، وَأَخَذَ يُبَالِغُ فِي تَنَقُّصِ الرَّسُولِ، وَهُنَاكَ كَلْبُ صَيْدٍ عَزِيزٌ عَلَى سونجق فِي سِلْسِلَةِ ذَهَبٍ فَنَهَضَ الْكَلْبُ، وَقَلَعَ السِّلْسِلَةَ وَوَثَبَ عَلَى ذَاكَ النَّصْرَانِيِّ فَخَمَشَهُ وَأَدْمَاهُ، فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَامُوا إِلَيْهِ، وَكَفُّوهُ عَنْهُ وَسَلْسَلُوهُ، فَقَالَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ: هَذَا لِكَلامِكَ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَتَظُنُّونَ أَنَّ هَذَا مِنْ أَجْلِ كَلامِي فِي مُحَمَّدٍ؟ لا، وَلَكِنَّ هَذَا كَلْبٌ عَزِيزُ النَّفْسِ رَآنِي أُشِيرُ بِيَدِي فَظَنَّ أَنِّي أُرِيدُ ضَرْبَهُ فَوَثَبَ، ثُمَّ أَخَذَ أَيْضًا يَتَنَقَّصُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَزِيدُ فِي ذَلِكَ فَوَثَبَ إِلَيْهِ الْكَلْبُ، ثَانِيًا وَقَطَعَ السِّلْسِلَةَ وَافْتَرَسَهُ، وَاللَّهِ الْعَظِيمِ، وَأَنَا أَنْظُرُ ثُمَّ عَضَّ عَلَى زَرْدَمَتِهِ فَاقْتَلَعَهَا فَمَاتَ الْمَلْعُونُ.

وذكر القصة الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ الله في «الدرر الكامنة» (4/ 153والقصة ثابتة، فشيخ الذهبي رَحِمَهُ الله علي بن مرزوق قد ترجم له الذهبي رَحِمَهُ الله قبل إيراده لهذه القصة، وقال: عَلِيُّ بْنُ مَرْزُوقِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الثِّقَةُ الْعَالِمُ زَيْنُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ الرَّبْعِيُّ السَّلامِيُّ الْمَوْصِلِيُّ التَّاجِرُ، وابن الواصلي وصفه تلميذه علي بن مرزوق: بالشيخ جمال الدين، والله أعلم.

والاستهزاء بالسنة والاستخفاف بها خطير جدًّا نذير بنزول العقوبة العاجلة.

وقد أَكَلَ رجل عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ»، قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: «لَا اسْتَطَعْتَ»، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ، قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ». رواه مسلم (2021) عن سلمة بن الاكوع رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ومن القصص العجيبة الثابتة في انتقام الله ممن استخف بالسنة وأهلها:

قصة الرجل الخرساني في شأن المصراة الثابت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُصِرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبُهَا: إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ. والْمُصَرَّاةُ مِنَ الْإِبِلِ أَوِ الْغَنَمِ: هِيَ الَّتِي قَدْ جُمِعَ لَبَنُهَا فِي خَلْفِهَا أَوْ ضَرْعِهَا، فَمَنِ ابْتَاعَهَا، فَهُوَ مُبْتَاعٌ لَنَاقَةٍ أَوْ شَاةٍ فِيهَا لَبَنٌ ظَاهِرٌ. كما في «الفقيه والمتفقه» (1/ 546).

وقد ذكرها الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (2/ 619وقال: قَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا المَعْمَرِ المُبَارَكَ بنَ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ يُوْسُفَ بنَ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيَّ الفَقِيْهَ، سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا إِسْحَاقَ الفَيْرُوْزَآبَادِيَّ، سَمِعْتُ القَاضِي أَبَا الطَّيِّبِ يَقُوْلُ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ النَّظَرِ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ، فَجَاءَ شَابٌّ خُرَاسَانِيٌّ، فَسَأَلَ عَنْ مَسْأَلَةِ المُصَرَّاةِ، فَطَالَبَ بِالدَّلِيْلِ، حَتَّى اسْتَدَلَّ بِحَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الوَارِدِ فِيْهَا، فَقَالَ-وَكَانَ حَنَفِيًّا-: أَبُو هُرَيْرَةَ غَيْرُ مَقْبُوْلِ الحَدِيْثِ. فَمَا اسْتَتَمَّ كَلامَهُ حَتَّى سَقَطَ عَلَيْهِ حَيَّةٌ عَظِيْمَةٌ مِنْ سَقْفِ الجَامِعِ، فَوَثَبَ النَّاسُ مِنْ أَجْلِهَا، وَهَرَبَ الشَّابُّ مِنْهَا وَهِيَ تَتْبَعُهُ، فَقِيْلَ لَهُ: تُبْ تُبْ، فَقَالَ: تُبْتُ. فَغَابَتِ الحَيَّةُ، فَلَمْ يُرَ لَهَا أَثَرٌ.

قال الذهبي: إِسْنَادُهَا أَئِمَّةٌ. وَأَبُو هُرَيْرَةَ: إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي حَفِظِ مَا سَمِعَهُ مِنَ الرَّسُوْلِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَأَدَائِهِ بِحُرُوْفِهِ، وَقَدْ أَدَّى حَدِيْثَ المصَرَّاةِ بِأَلْفَاظِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْنَا العَمَلُ بِهِ، وَهُوَ أَصْلٌ بِرَأْسِهِ. اهـ المراد.

وقال الطبراني في «السنة»، كما في «مجموع الفتاوى» (4/ 539)لشيخ الإسلام: عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى السَّاجِيِّ قَالَ: كُنَّا نَخْتَلِفُ إلَى بَعْضِ الشُّيُوخِ لِسَمَاعِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَرَعْنَا فِي الْمَشْيِ وَمَعَنَا شَابٌّ مَاجِنٌ. فَقَالَ: ارْفَعُوا أَرْجُلَكُمْ عَنْ أَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ. لَا تَكْسِرُوهَا. قَالَ: فَمَا زَالَ حَتَّى جَفَتْهُ رِجْلَاهُ.

 وأخرج القصة بإسنادها إلى الطبراني النووي في «بستان العارفين» ص(50قال: سمعت أبا يحيى زكريا بن يحيى الساجي رحمه الله نحوه. والساجي ثقة.

يشير إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يطلب. فهو يستهزئ بأجنحة الملائكة التي تضعها لطالب العلم، وإنما المقصود التواضع لطلبة العلم واحترامهم، لا أن طالب العلم يطأ بقدميه على أجنحة الملائكة.

وذكر النووي قصة أخرى واقعة في شأن الاستهزاء بالسواك-في «بستان العارفين» ص(51قال: قلت: ومن هذا المعنى ما وجد في زمامنا هذا، وتوارثت به الأخبار، وثبتت عند القضاة: أن رجلًا بقرية ببلاد بصرى في أوائل سنة خمس وستين وستمائة، كان شاب سيئ الاعتقاد في أهل الخير، وله ابن يعتقد فيهم، فجاء ابنه يومًا من عند شيخ صالح ومعه مسواك، فقال: ما أعطاك شيخك؟ مستهزئًا، قال: هذا المسواك، فأخذه منه وأدخله في دبره احتقارًا له، فبقي مدة، ثم ولد ذلك الرجل الذي أدخل المسواك في دبره جروًا قريب الشبه بالسمكة فقتله، ثم مات الرجل في الحال أو بعد يومين.

قال النووي رَحِمَهُ الله: عافانا الله الكريم من بلائه ووفقنا الله لتنزيه السنن وتعظيم شعائره. اهـ.

وإذا كان مجرد المخالفة لأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الواجب من غير استهزاء واستخفاف إذا كان هذا عرضة للعقوبة، فكيف بمن يستخف بها ويستهزئ بها؟ !

روى البخاري (1481ومسلم (4/1785)عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ القُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «اخْرُصُوا»، وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، فَقَالَ لَهَا: «أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا» فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ: «أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلاَ يَقُومَنَّ أَحَدٌ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ» فَعَقَلْنَاهَا، وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّءٍ» الحديث.

نسأل الله أن يرزقنا التمسك بالسنة، وأن يمن علينا جميعًا بالتوفيق والهداية.

❖❖❖❖❖❖