جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 7 سبتمبر 2017

(80) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ


              تربيةُ النفس على الإيمان بالقدر

قضاءُ الله وقدرُه فيما يكرهه العبد خيرٌ للعبد من قضائِه لنفسه وتحقيق رغبته للشيء .لأن الله هو ربُّ العباد وهو أعلم بمصالحهم ومنافعهم.

قال تعالى:﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [الْبَقَرَةِ:216] .

وقال تعالى في شأن الغلام الذي قتله الخضرُ عليه الصلاة والسلام:﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) ﴾[الكهف].

قال السعدي رحمه الله في«تفسيره»(482):كان ذلك الغلام قد قُدِّر عليه أنه لو بلغ لأرهق أبويه طغيانا وكفرا، أي: لحملهما على الطغيان والكفر، إما لأجل محبتهما إياه، أو للحاجة إليه .. أي: فقتلته، لاطلاعي على ذلك، سلامة لدين أبويه المؤمنين، وأي فائدة أعظم من هذه الفائدة الجليلة؟  وهو وإن كان فيه إساءة إليهما، وقطع لذريتهما، فإن الله تعالى سيعطيهما من الذرية، ما هو خير منه، ولهذا قال: ﴿فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ أي: ولدا صالحا، زكيا، واصلا لرحمه، فإن الغلام الذي قتل لو بلغ لعقهما أشد العقوق بحملهما على الكفر والطغيان.اهـ

فيجب على العبد المسلم أن يستشعر بهذا:

 أن اختيار الله وتدبيرَه  لأمور عبده خيرٌ من اختيارِ العبد لأموره وتدبيرِه لنفسه.

قال ابن القيم رحمه الله في«الفوائد»(137):لَا يقترح على ربه وَلَا يخْتَار عَلَيْهِ وَلَا يسْأَله مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ علم، فَلَعَلَّ مضرّته وهلاكه فِيهِ وَهو لا يعلم ،فَلَا يخْتَار على ربه شَيْئا ،بل يسْأَله حسن الِاخْتِيَار لَهُ ،وَأَن يرضيه بِمَا يختاره، فَلَا أَنْفَع لَهُ من ذَلِك .اهـ

فمن ابتُلِي فليصبِر ولا يكفُر .

من ابتلِي فلا يعترض على قدرِ الله ولا يجزع.

من ابتُلِي فليستسلِمْ لقضاءِ الله وقدره ففيه راحَةٌ نفسيَّةٌ وطمأنينة للقلب.

إنَّ الاستسلام لأمر الله  وتدبيرِه لأمور عبده داخل في الإيمان بالقدر الركن السادس من أركان الإيمان بالقدر.

اللهم ارزقنا الإيمان بالقدر خيره وشره وحلوه ومره.