الدرس الثالث من دروس الحج من[سورة الحج (22):الآيات 28
إلى 29]
وهو الدرس الرابع عشر من دروس تفسير سورة الحج
﴿ذلِكَ
وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ
لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ
الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)﴾
﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ
اللَّه﴾ِ ذلِكَ
يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِتَقْدِيرِ: فَرْضُكُمْ ذَلِكَ،
أَوِ الْوَاجِبُ ذَلِكَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ
بِتَقْدِيرِ: امْتَثِلُوا ذَلِكَ،كما
في تفسير القرطبي.
وتعظيم حرمات الله: قال ابن كثير: أَيْ وَمَنْ يَجْتَنِبُ مَعَاصِيَهُ،
وَمَحَارِمَهُ وَيَكُونُ ارْتِكَابُهَا عَظِيمًا فِي نَفْسِهِ.
وقال بعضهم:الْحُرْمَةُ مَكَّةُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ
مِنْ مَعَاصِيهِ كُلِّهَا.
وقال بعض المفسرين: الحرمات الأمر والنهي، قال ابن القيم في «مدارج السالكين» (2/73): الصَّوَابُ: أَنَّ الْحُرُمَاتِ تَعُمُّ هَذَا كُلَّهُ. وَهِيَ جَمْعُ حُرْمَةٍ وَهِيَ مَا يَجِبُ
احْتِرَامُهُ، وَحِفْظُهُ مِنَ الْحُقُوقِ، وَالْأَشْخَاصِ، وَالْأَزْمِنَةِ،
وَالْأَمَاكِنِ، فَتَعْظِيمُهَا تَوْفِيَتُهَا حَقَّهَا، وَحِفْظُهَا مِنَ
الْإِضَاعَةِ. اهـ
﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ قال ابن كثير: أَيْ فَلَهُ عَلَى ذَلِكَ خَيْرٌ
كَثِيرٌ، وَثَوَابٌ جَزِيلٌ.
﴿وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا
مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ﴾ الأنعام
الإبل والبقر والغنم، فهذه الأنعام مباحة إلا ما جاء تحريمه في أدلة أخرى كقوله:﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى
طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ
لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا
أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ
رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)﴾[الأنعام: 145]
وقال:﴿ حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ
اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ
وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى
النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ
ذَلِكُمْ فِسْقٌ﴾[المائدة: 3] دلت هذه الآية على تحريم أكل هذه الأنواع،
وهي من بهيمة الأنعام، وإذا كانت الذبيحة من غير مسلم، لقوله:﴿ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ الخطاب للمسلمين إلا ذبيحة
الكتابي فهي حلال ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾. ومن لم يسمِّ الله عند
الذبح ما تحل ذبيحته يقول الله:﴿ وَلَا تَأْكُلُوا
مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ وقال: ﴿فَكُلُوا
مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118)﴾مفهوم الآية أننا لا نأكل إذا لم يسم الله.
﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ
الْأَوْثانِ﴾ قال ابن كثير: من هاهنا لبيان الْجِنْسِ، أَيِ
اجْتَنِبُوا الرِّجْسَ الَّذِي هُوَ الْأَوْثَانُ.
﴿ الزُّورِ﴾ الكذب ,
والباطل، والتهمة. كما في «النهاية» لابن الأثير.
وقال ابن جرير في «تفسيره» (19/314): والذين لا يشهدون شيئا من الباطل لا شركا، ولا غناء، ولا كذبا
ولا غيره، وكلّ ما لزمه اسم الزور، لأن الله عمّ في وصفه إياهم أنهم لا يشهدون
الزور، فلا ينبغي أن يخص من ذلك شيء إلا بحجة يجب التسليم لها، من خبر أو
عقل. اهـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من فوائد الآية :
· الحث على تعظيم حرمات الله ومنها مناسك الحج .
· حِلُّ بهيمة الأنعام إلا ما بُين تحريمه.
· اجتناب الشرك بالله وكما قال ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ
وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل: 36]،ومن
أدعية إبراهيم عليه السلام:﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ
نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾[إبراهيم]إذا كان نبي الله إبراهيم يدعو ربه أن يثبته وبنيه
على التوحيد، فنحن أحق أن ندعو الله أن يثبتنا على التوحيد، وأن يعيذنا من الشرك
والكفر، فلا يأمن أحد -مهما بلغ في العلم والعبادة- على نفسه من الشرك بالله، نسأل
الله العافية.
· في الآية دليل على غِلَظِ ذنب قول الزور؛ لأن الله قرن
الشرك بقول الزور،وكما قال:﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ
مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ إلى أن قال: ﴿وَالَّذِينَ
لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ
مَرُّوا كِرَامًا (72)﴾[الفرقان]. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال: «أَلَا أُنْبِئُكُمْ بِأَكْبَرِ
الْكَبَائِرِ؟» قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «الْإِشْرَاكُ
بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ- وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ- أَلَا
وَقَوْلُ الزُّورِ.أَلَا وَشَهَادَةُ الزُّورِ». فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى
قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.
ومن قول الزور:الشرك ،بل هو أشد أنواع الشرك، كادعائهم الولد لله وأن الملائكة بنات الله وقول النصارى إن الله ثالث
ثلاثة إلى غير ذلك.
ومن قول الزور: تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم ورد ما جاء به، قال الله ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ
افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا
وَزُورًا (4) ﴾[الفرقان:4].
ومن قول الزور: الظهار وهو قول الرجل لامرأته أنت على كظهر أمي، قال الله ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ
أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا
وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)﴾[المجادلة:2].
ومن قول الزور: تشبع الإنسان بما لم يعط، فقد ثبت عَنْ
عَائِشَةَ، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَقُولُ إِنَّ زَوْجِي
أَعْطَانِي مَا لَمْ يُعْطِنِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ، كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ»
رواه مسلم (2129)، والتشبع بما لم يعط يدخل فيه
أشياء كثيرة:
ومنها: أن يتشبع طالب العلم بما لم يعط، فيأخذ عبارات لأهل العلم فينقلها
ولا يعزوها،قال الله: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا
تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)﴾ [آل عمران:188] وعند أهل العلم مقالة
يرددونها «من بركة العلم عزوه إلى قائله » والذي لا يعزو لا يبارك الله في علمه.وهذا
يسميه أهل العلم بالسرقة. فهذا أدب عظيم يحتاج إليه كلُّ من يطلب العلم حتى يوفَّق
ويبارَك له في علمه وفي تعليمه، وفي دعوته، والله يقول ﴿وَمَا كَانَ عَطَاءُ
رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾[الإسراء]، فيدعو الإنسان ربه، وتدعو طالبة العلم ربها أن يمن
ويعطي من واسع فضله العظيم، ويدعو الله أن يرزقه القوة في التعبير، والفهم،
والبصيرة، نسأل الله من واسع فضله.
وهذا من الأمانة العلمية، لأن الأمانة ليست محصورة على
الأمانة في الأموال. فالأمانة أوسع: الأمانة في الدين، الأمانة في النقل عن أهل
العلم، ينقل بأمانة ويعزو الكلام إلى قائله.
هناك أشياء واضحة أنها من كلام أهل العلم فهنا ما يلزم أن يعزوه طالب العلم،
مثل الأحكام على الرواة: هذا ثقة، وهذا ضعيف، معروف أنه ناقل عن غيره،وهذا كما مر
معي على ما أذكر من كلام الشيخ الألباني أنه استثنى ذلك، وأنه لا يعد متشبعًا في
هذه الصورة.
· في النهي عن قول الزور معدودٌ في محاسن الإسلام وأنه يدعو إلى اجتناب الأخلاق المنكرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ
بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ
الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (31)﴾
﴿حُنَفاءَ لِلَّهِ﴾ قال ابن كثير: أَيْ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
مُنْحَرِفِينَ عَنِ الْبَاطِلِ قَصْدًا إِلَى الْحَقِّ. وقال ابن القيم رَحِمَهُ
الله: الحنيف المقبل على الله المعرض عما سواه.
﴿خَرَّ مِنَ السَّماءِ﴾ قال ابن كثير: أَيْ سَقَطَ مِنْهَا.
﴿فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ﴾ قال ابن كثير: أَيْ تَقْطَعُهُ الطُّيُورُ فِي
الْهَوَاءِ.
﴿أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ
سَحِيقٍ﴾ قال ابن كثير: أَيْ بَعِيدٍ مُهْلِكٍ لِمَنْ هَوَى
فِيهِ.
من فوائد هذا الآية:
· الترهيب من الشرك بالله.
· ضرب مثل للمشرك بمن سقط من السماء، فتخطفه الطير أو
تهوي به من مكان بعيد، فكذلك من أشرك بالله وعبد معه غيره فإنه هوى بنفسه طريق
الهلاك والغواية والضلال، ولا مفر ولا خلاص له منه.
قال ابن القيم في «إعلام الموقعين» (1/138) في بيان هذا المثل:صَوَّرَ بِصُورَةِ حَالِ مَنْ
خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَطَفَتْهُ الطَّيْرُ فِي الْهُوِيِّ فَتَمَزَّقَ مِزَقًا
فِي حَوَاصِلِهَا، _ أي حواصل الطير التي تجعل فيه طعامها يكون متدليًا _ أَوْ عَصَفَتْ بِهِ الرِّيحُ حَتَّى هَوَتْ بِهِ فِي بَعْضِ
الْمَطَارِحِ الْبَعِيدَةِ. اهـ المراد.
الأمثال في ضرب حال المشرك جاءت بعدة صور،منها:
قوله: ﴿ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ
وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ
الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ﴾ مثل الله المشرك بمن سقط من
السماء.
قَوْلُهُ: ﴿قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا
لَا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا
اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ
أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ
الْهُدى﴾ [الأنعام: 71] الآية هذه الآية فيها مثل المشرك بشخص في الصحراء حيران في
الأرض لا يدري أين يتجه وله أصحاب من الموحدين المسلمين يدعونه إلى الهدى والنور
فلا يتبعهم.
قوله: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ
شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ
أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29)﴾[الزمر: 29]، هذا فيه ضرب مثل للمشرك
كمثل المملوك لعدة أشخاص ينتازعونه فيه، كل يريد خدمته، بخلاف العبد الموحِّد فهو
مملوك لله فهو في راحة.
· عظم ذنب الإشراك بالله﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ
بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) ﴾[المائدة] وقال:﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ
أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ
يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى
إِثْمًا عَظِيمًا (48)﴾ وقال﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلَالًا بَعِيدًا (116) ﴾[النساء] وقال: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)
﴾ [لقمان].
وأعظم الظلم الشرك بالله روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ:
سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟
قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ».
ولهذا كان الشرك محبطًا للعمل، قال:﴿ وَلَقَدْ
أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ
عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[الزمر:
65]، وقال:﴿ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ
يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[الأنعام:88]
· ودلت الآية
على علو أهل التوحيد ورفعتهم في الأولى والأخرى.