جديد الرسائل

الأحد، 12 يوليو 2020

(7) فقهُ التَّعاملِ بين الزوجين

دارِهَا تعِش بهَا

عَنْ عَائِشَةَ،رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الفِرَاشِ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: «دَعْهُمَا»، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا.

وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا قَالَ: «تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ» حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَالَ: «حَسْبُكِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاذْهَبِي»رواه البخاري(949)،ومسلم(892).

 

هذا الحديث من فوائده المتعلِّقة بالزَّوجَيْنِ:

    1)   جواز دخول الرجل على ابنته وهي عند زوجها إذا كان له بذلك عادة، وتأديب الأب بحضرة الزوج(لقول عائشة: وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَانْتَهَرَنِي)،وإن ترَكه الزوج، إذ التأديب وظيفة الآباء، والعطف مشروع من الأزواج للنساء.

    2)   وفيه الرفق بالمرأة، واستجلاب مودتها.

ذكره الحافظ في «فتح الباري».

    3)   وفيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الأخلاق الرفيعة مع أهله ولِيْنِه وملاطفته وحُسْن معاشرتِه.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:كُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ..الحديث،وفيه أن أمهات المؤمنين كنَّ يراجعن النبي صلى الله عليه وسلم.

 رواه البخاري(2468)،ومسلم (1479).  

قال الحافظ في شرح هذا الحديث(تحت رقم5191):فِيهِ أَنَّ شِدَّةَ الْوَطْأَةِ عَلَى النِّسَاءِ مَذْمُومٌ،لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِسِيرَةِ الْأَنْصَارِ فِي نِسَائِهِمْ وَتَرَكَ سِيرَةَ قَوْمِهِ.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «فتاوى نور على الدرب»:ليُعلم أن السعادة الزوجية لا تأتي بالعنف وفرض السيطرة ،واعتقاد أنه سلطانٌ عالي المنزلة، وأن المرأة عنده في منزلة أدنى جندي، فإن هذا من الخطأ.

ولكن ينظر إليها على أنها زوجته وقرينته وأم أولاده وراعية بيته، فيحترمها كما يحب أن تحترمه.

 كما أن على الزوجة أيضًا أن تعرف حق الزوج وأن له حقًّا عظيمًا عليها،وأن تحاول جاهدةً لفعل ما يحصل به رضاه وسروره ،حتى تحصل الألفة بينهما والمودة والمحبة.اهـ

قلت:ولهذا من علامات سقوط الحياة الزوجية وخرابِها   أن تكونَ قائمةً  على العُنف والقسوة والمشاكل.

ولْيُعلَمْ  أنه كم لِطيب الكلام ولِيْنِ الأخلاق  مِنْ أثرٍ بالغٍ في قلب المرأة،فإنها ضعيفة،سريعة التأثر، يُرضيها ويكسبُ قلبَها أدنى شيءٍ،من المعروف والإحسان.

فدارِها لتطِيْبَ لك الحياة،وتنالَ العِشرة الهنيَّة،وتسير الأمور على أحسن حال.

وليس هذا فحسب،بل ولتقومَ بواجبٍ عظيم أوجبه الله عليك،قال تعالى:﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[19:النساء].

ولتكون متبِّعًا ومتأسيًا في ذلك بنبيِّكَ محمد صلى الله عليه وسلم.

ولا حظ ما تقدم في عبارة الحافظ ابن حجر:

إذ التأديب وظيفة الآباء، والعطف مشروع من الأزواج للنساء.

فالأخلاق الحسنة مع الزوجة من شِيمِ الرجال الأبطال.