جديد الرسائل

الاثنين، 13 يوليو 2020

(12)الآداب

من بر الوالدين بعد وفاتهما الإحسان إلى الأخوات

عَنْ جَابِر بن عبد الله رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «هَلْ نَكَحْتَ يَا جَابِرُ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «مَاذَا أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟» قُلْتُ: لاَ بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ «فَهَلَّا جَارِيَةً تُلاَعِبُكَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ، كُنَّ لِي تِسْعَ أَخَوَاتٍ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ إِلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ، وَلَكِنِ امْرَأَةً تَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَالَ: «أَصَبْتَ».

رواه البخاري(4052)،ومسلم(715).

ولفظ رواية مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجابر:«مَا تَزَوَّجْتَ؟ أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟»، فَقُلْتُ لَهُ: تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا، قَالَ: «أَفَلَا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُلَاعِبُكَ وَتُلَاعِبُهَا؟»، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُوُفِّيَ وَالِدِي - أَوِ اسْتُشْهِدَ - وَلِي أَخَوَاتٌ صِغَارٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ إِلَيْهِنَّ مِثْلَهُنَّ فَلَا تُؤَدِّبُهُنَّ، وَلَا تَقُومُ عَلَيْهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا لِتَقُومَ عَلَيْهِنَّ وَتُؤَدِّبَهُنَّ الحديث.

زاد البخاري في رواية(6387) قَالَ: «فَبَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ».

ومعنى(خَرْقَاءَ) أَيْ حَمْقَاء جَاهِلَةٍ، وَهِيَ تَأْنِيثُ الْأَخْرَقِ،كما في «النهاية».

 

بعض الاستنباطات من هذا الحديث العظيم من«فتح الباري»

فِيهِ فَضِيلَةٌ لِجَابِرٍ لِشَفَقَتِهِ عَلَى أَخَوَاتِهِ وَإِيثَارِهِ مَصْلَحَتَهُنَّ عَلَى حَظِّ نَفسه.

 ويوخذ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا تَزَاحَمَتْ مَصْلَحَتَانِ قُدِّمَ أَهَمُّهُمَا،لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوَّبَ فِعْلَ جَابِرٍ وَدَعَا لَهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ.

 وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الدُّعَاءُ لِمَنْ فَعَلَ خَيْرًا وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالدَّاعِي.

 وَفِيهِ سُؤَالُ الْإِمَامِ أَصْحَابَهُ عَنْ أُمُورِهِمْ وَتَفَقُّدُهُ أَحْوَالَهُمْ وَإِرْشَادُهُ إِلَى مَصَالِحِهِمْ وَتَنْبِيهُهُمْ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَلَوْ كَانَ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَفِيمَا يُسْتَحَيَا مِنْ ذِكْرِهِ.

 وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ خِدْمَةِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا وَمَنْ كَانَ مِنْهُ بِسَبِيلٍ مِنْ وَلَدٍ وَأَخٍ وَعَائِلَةٍ،وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَى الرَّجُلِ فِي قَصْدِهِ ذَلِكَ مِنِ امْرَأَتِهِ،وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا،لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِذَلِك، فَلِذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.اهـ

وقول الحافظ:(وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا)أي:خدمة الزوجة لأهل الزوج كولده وأخيه.. لا تجب عليها،لكن هذا مما جرت به العادة وأقرَّه الشرع،فهو عمل جميل وتعاونٌ جليل.

أما خدمة الزوجة لزوجها فقد دلت الأدلة على وجوب ذلك،كقولِه عزوجل:﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾[النساء: 34].

وقوله تعالى:﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)﴾[البقرة:228]. والله أعلم.