جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 29 مايو 2020

(30)التَّذْكِيْرُ بِسِيْرَةِ سَيِّدِ البَشَرِ

عَنْ عَائِشَةَ  رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ  رضي الله عنه فَقَالَ: فِي كَمْ كَفَّنْتُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟

قَالَتْ: فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَلَا عِمَامَةٌ.

 وَقَالَ لَهَا: فِي أَيِّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟

 قَالَتْ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ.

 قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالَتْ: يَوْمُ الاثْنَيْنِ.

قَالَ: أَرْجُو فِيمَا بَيْنِي، وَبَيْنَ اللَّيْلِ، فَنَظَرَ إِلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ، فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا، وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنُونِي فِيهَا. قُلْتُ: إِنَّ هَذَا خَلَقٌ.

 قَالَ: إِنَّ الحَيَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ المَيِّتِ، إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ، فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلاَثَاءِ، وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ.رواه البخاري(1387).

(لِلْمُهْلَةِ)القَيْح والصَّدِيدُ الَّذِي يَذُوبُ فيسيلُ مِنَ الجسدِ، وَمِنْهُ قِيلَ للنُّحَاسِ الذَّائبِ: مُهْلٌ. «النهاية».

 

قال الحافظ: قيل: ذكر لها أبوبكر ذلك بصيغة الاستفهام، توطئة لها للصبر على فقده، واستنطاقًا لها بما يعلم أنه يعظم عليها ذكره، لما في بداءته لها بذلك من إدخال الهم العظيم عليها، لأنه يبعد أن يكون أبوبكر نسي ما سأل عنه مع قرب العهد، ويحتمل أن يكون السؤال عن قدر الكفن على حقيقته، لأنه لم يحضر ذلك، لانشغاله بأمر البيعة.

 وأما تعيين اليوم فنسيانه أيضًا محتمل، لأنه صلى الله عليه وسلم دفن ليلة الأربعاء، فيمكن أن يحصل التردد: هل مات يوم الاثنين، أو الثلاثاء؟

وقوله:(أرجو فيما بيني). قال القسطلاني في «إرشاد الساري» (3/555):أي: فيما بين ساعتي هذه، وترجي الصديق أن يموت يوم الاثنين لكونه عليه الصلاة والسلام توفي فيه، فله مزية على غيره من الأيام بهذا الاعتبار. اهـ

قال الحافظ في فوائد هذا الحديث:

فيه:استحباب التكفين في الثياب البيض.

تثليث الكفن.

                    جواز التكفين في الثياب المغسولة.

                    إيثار الحي بالجديد.

                    الدفن بالليل.

                    فضل أبي بكر وصحة فراسته وثباته عند وفاته.

                    أخذ المرء العلم عمن دونه.