الدرس الثامن من[سورة الحج (22) : آية 17]
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى
وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ
الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)﴾.
في هذه
الآية ذكر الله ست طوائف:
(1)
المؤمنون :وهم الذين آمنوا بالله
ورسله.
(2)
والذين هادوا : وهم اليهود.
(3)
الصابئين: وهم كما قال القرطبي
في «تفسيره»:قَوْمٌ يَعْبُدُونَ النُّجُومَ.
وقال
ابن القيم في «إغاثة اللهفان»:هؤلاء كانوا قوم إبراهيم
الخليل. وهم أهل دعوته. وكانوا بحران، فهي دار
الصابئة. اهـ.
وقيل:هم
فرقة من النصارى. على هذا يدخلون في النصارى،وتحل ذبائحهم. ويطلق الصابئ على الذي
ينتقل من دين إلى دين آخر.
(4)
النصارى.
(5)
المجوس: قال القرطبي في «تفسيره»:
هم عبدة النيران الْقَائِلِينَ أَنَّ لِلْعَالَمِ أَصْلَيْنِ: نُورٌ وَظُلْمَةٌ.
(6)
الذين أشركوا، قال القرطبي :هُمُ الْعَرَبُ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ.اهـ
ولم يذكر
الله في هذه الآية من آمن بالله واليوم الآخر،بخلاف التي في سورة
البقرة،﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى
وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا
فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ
يَحْزَنُونَ (62) ﴾،والتي في سورة المائدة،﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ
هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)﴾.
وفي
سورة الحج لما ذكر سبحانه المجوس والذين أشركوا مع الأربع الأمم،ما قال الله من
آمن بالله واليوم الآخر،لأن المجوس والذين أشركوا أمتان شقيتان من أهل النار، ليس فيهم مؤمن، بخلاف الأربع الأمم فمنهم
الشقي والسعيد،فمن كان من أهل الإيمان فهو سعيد،ومن كان من أهل
الكفر والضلال فهو شقي. وذكر نحو هذا ابن القيم في «أحكام أهل الذمة».
وقوله:﴿مَنْ
آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾فيه إشكال مع قوله سبحانه
في أول الآية:﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾،فمن أهل العلم من قال:هم المؤمنون حقيقة.
واختلف من قال
ذلك في هؤلاء المؤمنين مَنهم:
منهم من
قال:هم الذين آمنوا قبل المبعث وكانوا
يطلبون هذا الدين كزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وبحيرًا الراهب.
وقيل:هم
المؤمنون من الأمم الماضية .
وقيل:المؤمنون
من هذه الأمة والمراد من ثبت
منهم على الإيمان،لِأَنَّ حقيقة الإيمان الموافاة على الإيمان.
يراجع:تفسير
سورة البقرة من تفسير البغوي.
هذه
أقوال الذين قالوا:الإيمان في الآية على الحقيقة.
وقال بعضهم :المراد المؤمنون المنافقون الذين آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم.
وقد جمع
الأقوال التي ذُكِرَتْ ابنُ الجوزي في «زاد المسير»في (تفسير سورة
البقرة:رقم الآية62)ولخصها في ثلاثة،وقال:في إعادة ذكر الإيمان ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لما ذكر مع المؤمنين طوائف من الكفار
رجع قوله: مَنْ آمَنَ إليهم.
[أي:إلى طوائف الكفار]
والثاني:أن المعنى من أقام على إيمانه.
والثالث: أن الايمان الأول نطق المنافقين
بالإسلام. والثاني:اعتقاد القلوب.اهـ
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ أي: يحكم بينهم.
﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ قال
ابن كثير : فَإِنَّهُ تَعَالَى شَهِيدٌ عَلَى أَفْعَالِهِمْ، حَفِيظٌ
لِأَقْوَالِهِمْ، عَلِيمٌ بِسَرَائِرِهِمْ وَمَا تكن ضمائرهم.
﴿شَهِيدٌ ﴾ أي:
مطلع وهذا من أسماء الله الحسنى .
نكون
استفدنا مما تقدم:
أن من كان على إيمان وهداية فهؤلاء لهم﴿أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.
فضل
الإيمان وأن من ثمراته الأجر من الله ونفي الخوف والحزن.
أن من
لم يكن من أهل الإيمان والاستقامة فهو من أهل الخوف والأحزان.
أن الله
سيجمع هذه الطوائف التي كانت على الأرض يوم القيامة وسيجازيهم على أعمالهم.
التحذير
من الكفر بالله ورسله.
ويجب
التنبيه هنا:أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم نَسخت
جميعَ الكتب السابقة،فمن أعرض عن هذا الدين فهو كافر ،سواء من اليهود والنصارى
أو من غيرهم.