من إجلال أهل العلم بعضهم لبعض
قال
عبدالرحمن بن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (329): قرأت كتاب إسحاق ابن
راهويه بخطه إلى أبي زرعة: إني أزداد بك كل يوم سرورًا، فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته وهذا من
أعظم ما يحتاج إليه اليوم طالب العلم.
وأحمد بن
إبراهيم لا يزال في ذكرك الجميل، حتى يكاد يفرط وإن لم يكن فيك بحمد الله إفراط،
وأقرأني كتابك إليه بنحو ما أوصيتك،فإن للباطل جولة ثم يضمحل، وإنك ممن أُحب صلاحه
وزينه، وإني أسمع من إخواننا القادمين ما أنت عليه من العلم والحفظ فأُسَرُّ بذلك.
قلت:أحمد بن
إبراهيم لا علاقة له بالسند وهو -والله أعلم- أحمد بن إبراهيم بن كثير الدورقي
ترجمته في «تهذيب الكمال». وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/39):روى عنه
أبي وأبوزرعة سمعتهما يقولان ذلك.
سئل أبي
عنه فقال: صدوق.
وقال
الحافظ عنه: ثقة صدوق.
-قال ابن
أبي حاتم في«مقدمة الجرح والتعديل»(1/341): سمعت محمد بن مسلم يقول بعد وفاة أبي
زرعة بنحو من شهرين يقول: ما فاتني الدعاء لأبي زرعة في شيءٍ من صلوات الفرائض منذ مات أبو زرعة إلا أمس فإني كنت في
التشهد فدخل على بعض الناس فاشتغل به قلبي فنسيت الدعاء ثم دعوت له بعد ما صليت.
قيل له:
ويجوز الدعاء في الفرائض؟
قال: نعم
أنا أدعو لأبي زرعة وأسميه في صلواتي.
قلت:محمد
بن مسلم هو: مُحَمَّد بن مسلم بن
عثمان بن عَبد اللَّهِ الرازي، أَبُو عَبْد اللَّهِ بن وارة الْحَافِظ.ترجمته في«تهذيب
الكمال»برواية عبدالرحمن بن أبي حاتم عنه.
وهذا
إجلال عجيب،ومحبة عظيمة،من إمامٍ لإمام ،بلغت بابن وارة أنه لا ينسى أبا زرعة
الرازي-رحمهما الله- من الدعاء له في صلاته.
فلْنتأسَ
بهذا الإمام النبيل في الاجتهاد في الدعاء لعلمائنا الذين أفنوا أعمارهم في خدمة
العلم،ونفع الله بهم في مشارق الأرض ومغاربِها.
وأخص بالذِّكْر أولئك الأعلام الأفذاذ
الأربعة،الذين جاء قضاء الله عليهم الذي لا يُرد في وقتٍ متقارب،المصيبة تلو
المصيبة،قبل أن يخف ألمُ الجُرح والحزن السابق تأتي الفجيعة الأُخرى بإثرها،وهم:
الشيخ ابن باز وقد كانت وفاته1420هـ
وبإثره الشيخ
الألباني في نفس العام/ 22 من جمادى
الأولى 1420هـ
ثم وفاة الشيخ ابن عثيمين مساء يوم الأربعاء،
الخامس عشر من شهر شوال عام 1421هـ[نقلت تاريخ وفاة الشيخ ابن عثيمين من رسالة
الشيخ عبدالمحسن العباد الشيخ محمد بن عثيمين من العلماء الربانيين ص19].
ثم وفاة والدي
الشيخ مقبل 1422 ليلة الأحد 1من جمادى
الأولى.
وقد قال لي والدي الشيخ مقبل رحمه الله بعد وفاة الشيخ ابن باز ثم الشيخ الألباني:هذه
السَّنَةُ سنة موت العلماء،وجعل يعد بأصابعه.
اللهم
ارحمهم واغفر لهم.
اللهم لا
تحرمنا أجرهم ولا تفتنَّا بعدهم.