جديد الرسائل

السبت، 13 يوليو 2019

(27)اختصار الدرس الثالث والعشرين من كتاب الصيام للمجد ابن تيمية




صوم ثلاثة أيام من كل شهر

عَنْ أبي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ إذا صُمْتَ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةً فَصُمْ ثَلَاثَ عَشَرَةَ وَأَرْبَعَ عَشَرَةَ وَخَمْسَ عَشَرَةَ» رَوَاهُ أحمد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ.

وَعَنْ أبي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ» رَوَاهُ أحمد وَمُسْلِمٌ وأبو دَاوُد.

وَعَنْ أبي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أيام فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: 160] الْيَوْمُ بِعَشَرَةٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ.

وقوله «مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أيام فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ» لأن الحسنة بعشر أمثالها، فإذا صام ثلاثة أيام فله ثلاثون حسنة، فيكمل له بصيام ثلاثة أيام من كل شهر صومُ سنة.

هذه الأدلة فيها استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، قال ابن قدامة في «المغني» مسألة (2141): صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ مُسْتَحَبٌّ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. اهـ.

والإمام مالك يرى صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولكنه في المشهور عنه يَكره تعيين صيام الأيام البيض. وهذا اجتهاد من الإمام مالك فقد صام النبي صلى الله عليه وسلم الأيام البيض وحثَّ ورغَّب في صيامها، فلا يعارَض ما جاء عنه بقول أحدٍ كائنًا من كان.

فإن صام ثلاثة أيام من كل شهر في غير أيام البيض فهذا يجزئه لإطلاق بعض الأدلة،وذلك كما يلي:

·      عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؟» قَالَتْ: «نَعَمْ»، فَقُلْتُ لَهَا: «مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ؟» قَالَتْ: «لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ» رواه الإمام مسلم (1160).

·    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاَثٍ: «صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» رواه البخاري (1981 ومسلم (721).

·    عَنْ أَبِي عقربٍ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّوْمِ، فَقَالَ: «صُمْ مِنَ الشَّهْرِ يَوْمًا» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَقْوَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَقْوَى، إِنِّي أَقْوَى صُمْ يَوْمَيْنِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زِدْنِي، زِدْنِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» رواه أحمد (31/397 وذكره والدي في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين».

·    وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، صَوْمُ الدَّهْرِ» رواه أحمد (7577) وهو في «الصحيح المسند» (1339) لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله تعالى.

·    عَنْ رَجُلٍ مَنْ بَنِي أُقَيْشٍ، قَالَ: مَعَهُ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ» رواه أحمد (34/342) وهو في «الصحيح المسند» (1458) لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله تعالى.

ومعنى «وَحَرِ الصَّدْرِ»: غِشُّه ووَساوِسُه. كما في «النهاية» (5/160).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الفضائل العظيمة لصيام ثلاثة أيام من كل شهر:

·     أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها.

·      أنها من أسباب صفاء القلب ونقاوته. لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ».

ويندرج صيام ثلاثة أيام من كل شهر في الأدلة العامة في فضل الصيام من ذلك ما يلي:

·    عن أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: مُرْنِي بِأَمْرٍ آخُذُهُ عَنْكَ، قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ» رواه النسائي(2220).

·    عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ». رواه البخاري (1904 ومسلم (1151).

·    عَنْ عُثْمَان بن أبي العاص الثقفي: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ» رواه أحمد (26/206).

·    عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا بَاعَدَ اللهُ، بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا». رواه مسلم(1153).

·    في الحديث القدسي الذي رواه البخاري عن أبي هريرة «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» رواه البخاري.فصيام النافلة من أسباب محبة الله.

·    يجبر النقص الذي يكون في فريضة الصيام.

·    عن حذيفةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ». رواه البخاري ومسلم.

·    الصوم مفيد للجسم ويجلب الصحة ويذهب كثيرًا من الأمراض كما ذكر هذا ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (2/27): لِلصَّوْمِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي حِفْظِ الْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ وَالْقُوَى الْبَاطِنَةِ.

 وَحِمْيَتِهَا عَنِ التَّخْلِيطِ الْجَالِبِ لَهَا الْمَوَادَّ الْفَاسِدَةَ الَّتِي إِذَا اسْتَوْلَتْ عَلَيْهَا أَفْسَدَتْهَا.

 وَاسْتِفْرَاغِ الْمَوَادِّ الرَّدِيئَةِ الْمَانِعَةِ لَهَا مِنْ صِحَّتِهَا.

 فَالصَّوْمُ يَحْفَظُ عَلَى الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ صِحَّتَهَا، وَيُعِيدُ إِلَيْهَا مَا اسْتَلَبَتْهُ مِنْهَا أَيْدِي الشَّهَوَاتِ.

 فَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى التَّقْوَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183].

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَصَالِحَ الصَّوْمِ لَمَّا كَانَتْ مَشْهُودَةً بِالْعُقُولِ السَّلِيمَةِ وَالْفِطَرِ الْمُسْتَقِيمَةِ، شَرَعَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ رَحْمَةً بِهِمْ، وَإِحْسَانًا إِلَيْهِمْ وَحِمْيَةً لَهُمْ وَجُنَّةً. اهـ المراد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يستحب أن تكون الثلاثة الأيام من كل شهر الأيام البيض

روى أبو داود (2450) عن عبد الله بن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصوم يعني من غرة كل شهر ثلاثة أيام. والحديث في «الصحيح المسند» (869). (من غرة كل شهر) أَيِ: البِيضِ اللَّيَالِي بالقَمَر، وَهِيَ ثَالِثُ عشَر، وَرَابِعُ عَشَر، وَخَامِسُ عَشَر. كما في «النهاية»(3/354).

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يُفْطِرُ أيام الْبِيضِ فِي حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ». رَوَاهُ النَّسَائِيّ. وحسَّن إسناده الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (580).

ولحديث أبي ذر: «يَا أَبَا ذَرٍّ إذا صُمْتَ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةً فَصُمْ ثَلَاثَ عَشَرَةَ وَأَرْبَعَ عَشَرَةَ وَخَمْسَ عَشَرَةَ».

وعلى أحد التفاسير في سُرَّة الشهر أنه وسطه

روى البخاري(1983)،ومسلم (1161) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: «هَلْ صُمْتَ مِنْ سُرَرِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا؟» قَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ».

    وفي صيام الأيام البيض فوائد صحية تعود إلى الصائم.  

قال ابن عثيمين في «الشرح الممتع»(6/459): ذكر أهل العلم بالطب أن فيها فائدة جسمية في هذه الأيام الثلاثة، لأنه وقت فوران الدم وزيادته، إذ أن الدم بإذن الله مقرون بالقمر، وإذا صام فإنه يخف عليه ضغط كثرة الدم فهذه فائدة طبية، لكن كما قلنا كثيرًا بأن الفوائد الجسمية ينبغي أن يجعلها في ثاني الأمر بالنسبة للعبادات، حتى يكون الإنسان متعبدًا الله لا للمصلحة الجسمية أو الدنيوية، ولكن من أجل التقرب إلى الله بالعبادات. اهـ.

---------------------------------------

 

إشكال والجواب عنه

عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له: «وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ». رواه البخاري، ومسلم.

عَنْ أبي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

عن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، صَوْمُ الدَّهْرِ» رواه أحمد.

والإشكال هو:

 أن حديث عبد الله بن عمرو يفيد أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر كصيام الدهر.

وحديث أبي قتادة وأبي هريرة ظاهرهما أنه بمجموع صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم رمضان كصيام الدهر.

وقد وجدت ولله الحمد ما يزولُ به هذا الإشكال مفادُه أن ذلك لا يعني نفي صيام الدهر لِمَن صام ثلاثة أيام من كل شهر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح العمدة» (2/599): من صام ثلاثة أيام من كل شهر؛ حصل له ثواب صيام الدهر بدون رمضان، ويبقى رمضان له زيادة. اهـ.

وقال بعضهم: «ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» مبتدأ، وخبره هذا صيام الدهر. ويكون «وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ» اعتراض بين المبتدأ وخبره كأنه قيل: صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر.

«وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ» مبتدأ، وخبره محذوف، تقديره صوم الدهر كله.

 ولا يبعد أن يعطي الله بمجرد صوم رمضان ثواب سنة متصلًا. يراجع «التنوير شرح الجامع الصغير»(5/182).

وفي «المنهل العذب المورود»(10/177): من صام ثلاثة أيام من كل شهر من شهور السنة فكأنما صام السنة، لأن الحسنة بعشر أمثالها. وأما صيام رمضان فمن حيث كونه صوم فرض يزيد على النفل عشر درجات فأكثر، فيكون صيامه مساويا لصيام الدهر، بل قد يكون أزيد منه: ويحتمل أن يكون رمضان مع ستة من شوال كصيام الدهر. فيكون صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخبر أولا بأن صيام رمضان مع ست من شوال كصيام الدهر ثم أخبر بأن صيام رمضان فقط كصيام الدهر في الثواب. اهـ.

فائدة: الفاء في قوله «فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ» قال الطيبي في «شرح مشكاة المصابيح»(5/1608) «فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ» أدخل الفاء في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط، وذلك أن «ثلاث» مبتدأ و«مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» صفته، أي صوم ثلاثة أيام يصومها الرجل من كل شهر صيام الدهر كله. اهـ.