وجوب
كفارة من أفسد صوم رمضان بالجماع
عن
أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هلكت،
يا رسول الله، قال: «وما أهلكك؟» قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: «هل تجد ما
تعتق رقبة؟» قال: لا، قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال: لا، قال:
«فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟» قال: لا، قال: ثم جلس، فأتي النبي صلى الله عليه
وسلم بعرق فيه تمر، فقال: «تصدق بهذا» قال: أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت
أحوج إليه منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: «اذهب
فأطعمه أهلك» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
«هَلَكْتُ»، وجاء بلفظ «احترقت» عند البخاري (6822)، ومسلم(1112) عَنْ
عَائِشَةَ:أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
إِنَّهُ احْتَرَقَ، قَالَ: «مَا لَكَ؟»، قَالَ:
أَصَبْتُ أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، فَأُتِيَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِكْتَلٍ يُدْعَى العَرَقَ، فَقَالَ: «أَيْنَ المُحْتَرِقُ؟»
قَالَ: أَنَا،
قَالَ: «تَصَدَّقْ
بِهَذَا».
قال
الحافظ في «فتح الباري» (1935):رِوَايَةُ الِاحْتِرَاقِ تُفَسِّرُ رِوَايَةَ
الْهَلَاكِ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا اعْتَقَدَ
أَنَّ مُرْتَكِبَ الْإِثْمِ يُعَذَّبُ بِالنَّارِ أَطْلَقَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ
احْتَرَقَ لِذَلِكَ، وَقَدْ أَثْبَتَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم لَهُ هَذَا الْوَصْفَ فَقَالَ: «أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ؟»
إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَوْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ لَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ. اهـ.
«بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ» العرق:
المكتل.
ونستفيد من هذا الحديث:
· أن الجماع في نهار رمضان من كبائر الذنوب، والله عز وجل أباح الجماع في ليالي رمضان، وأما في نهار رمضان فهذا محرم، ومعدود في الفواحش وكبائر الذنوب.
· أن
الجماع في نهار رمضان عامدًا عالمًا من مفسدات الصوم.
وحكم الرجل والمرأة في ذلك سواء إلا أن تكون مكرهة.
· وجوب
الكفارة على المجامع في نهار رمضان: عتق رقبة-والمراد عتق رقبة مؤمنة،
وإذا لم يستطع يصوم شهرين متتابعين، وإذا لم
يستطع يطعم ستين مسكين، وذلك لانتهاكه لحرمة
رمضان. قال ابن قدامة في «المغني» (2049):
تَلْزَمُ الكفارة مَنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ فِي رَمَضَانَ عَامِدًا، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ فِي قَوْلِ عَامَّةِ
أَهْلِ الْعِلْمِ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ،
وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: لَا كَفَّارَةَ
عَلَيْهِ، لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ لَا
تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِ قَضَائِهَا،
فَلَا تَجِبُ فِي أَدَائِهَا، كَالصَّلَاةِ. اهـ. والحديث
يرد قولهم.
· وفيه
أن الكفارة تكون على هذا الترتيب، فلا ينتقل
إلى الثاني وهو قادر على الأول.
وهذا
قول جمهور العلماء. وذهب الإمام مالك رَحِمَهُ
الله إلى أن هذا للتخيير.
· يستفاد
من قوله: «هَلَكْتُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ»، وكذا قوله «احْتَرَقْتُ» أنه ليس ناسيًا ولا جاهلًا. قال النووي في «شرح صحيح مسلم» (7/225): هذا لا
يكون إِلَّا فِي عَامِدٍ فَإِنَّ النَّاسِيَ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ. اهـ.
-فمَن
جامع ناسيًا ليس عليه قضاء ولا كفارة. وهذا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي
حَنِيفَةَ وَالْأَكْثَرِينَ. واختاره شيخ الإسلام في «مجموع
الفتاوى» (25/226).
-وكذلك
إذا جامع وهو جاهل بالتحريم هذا أيضًا ليس عليه كفارة لأدلة العذر بالجهل.
وهنا مسألة: قد يعلم التحريم ولكنه لا يدري بوجوب
الكفارة. هذا عليه الكفارة فما يلزم في وجوب
الكفارة أن يعلمها. كما أفاد ذلك النووي في «المجموع» وكذا
استفدت هذا من والدي رحمه الله أنه عليه الكفارة.
-وكذلك إذا جامع مكرَهًا ليس عليه
كفارة؛ لأن الله عز وجل يقول: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ
إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ﴾ [النحل]، فإذا كان هذا في النطق بالكفر للمكره فما دونه من
باب أولى. فهذه ثلاث حالات ليس فيها كفارة.
· فيه
دليلٌ على سقوط قضاء اليوم الذي جامع فيه لعدم ذكره في الحديث.
وقال
أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ: من جامع في نهار رمضان
فعليه القضاء،واستدلوا بما جاء:«وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ»
وهي زيادة ضعيفة.ولهذا ذهب جماعة من العلماء إلى أنه ليس عليه قضاء، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ الله
في «مجموع الفتاوى»
وهو مذهب الشافعي. وقول والدي الشيخ مقبل رحمه
الله.
-----------
على من تجب كفارة الجماع:
عن
أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هلكت،
يا رسول الله، قال: «وما أهلكك؟» قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: «هل تجد ما
تعتق رقبة؟» قال: لا، قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال: لا، قال:
«فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟» قال: لا، قال: ثم جلس، فأتي النبي صلى الله عليه
وسلم بعرق فيه تمر، فقال: «تصدق بهذا» قال: أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت
أحوج إليه منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: «اذهب
فأطعمه أهلك» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
في
الحديث دليلٌ على أن الكفارة على الرجل دون المرأة.
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (1936): قَوْلُهُ:
خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ. كَذَا
لِلْأَكْثَرِ وَمِنْهُمْ مَنْ ذكره بِمَعْنَاهُ وَزَاد ابن إِسْحَاقَ فَتَصَدَّقْ
بِهِ عَنْ نَفْسِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ
مَنْصُورٍ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ بِلَفْظِ أَطْعِمْ هَذَا عَنْكَ. وَاسْتُدِلَّ بِإِفْرَادِهِ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ
الْكَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ دُونَ الْمَوْطُوءَةِ،
وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُرَاجَعَةِ هَلْ تَسْتَطِيع وَهل تَجِدُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ قَوْلَيِ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ.
وَقَالَ
الْجُمْهُورُ وَأَبُو ثَوْر وابن الْمُنْذِرِ:
تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَيْضًا عَلَى اخْتِلَافٍ وَتَفَاصِيلَ
لَهُمْ فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَالْمُطَاوِعَةِ وَالْمُكْرَهَةِ وَهَلْ هِيَ
عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الرَّجُلِ عَنْهَا.
واستَدل
الجمهور برواية: «وَأَهْلَكْت» على أنَّ الموطوءة في نهار رمضان عليها كفارة
الجماع.
قال
الحافظ في «فتح الباري» (1936):لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ: «وَأَهْلَكْتُ» إِيجَابُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا، بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ هَلَكْتُ
أَثِمْتُ، وَأَهْلَكْتُ أَيْ كُنْتُ سَبَبًا
فِي تأثيم من طاوعتنى فَوَاقَعْتهَا، إِذْ لَا
رَيْبَ فِي حُصُولِ الْإِثْمِ عَلَى الْمُطَاوِعَةِ،
وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إِثْبَاتُ الْكَفَّارَةِ وَلَا نَفْيُهَا، أَوِ الْمَعْنَى هَلَكْتُ أَيْ حَيْثُ وَقَعْتُ
فِي شَيْءٍ لَا أَقْدِرُ عَلَى كَفَّارَتِهِ وَأَهْلَكْتُ أَيْ نَفْسِي بِفِعْلِي
الَّذِي جَرَّ عَلَيَّ الْإِثْمَ، وَهَذَا
كُلُّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ.
اهـ.
ولا
يجوز للمرأة أن تمكن زوجها في نهار رمضان إلا إذا كانت مكرهة، وإلا عليها أن تمنع وتدافع.
-----------
مسائل تتعلق بالجماع في
رمضان:
· ما
تقدم من تحريم الجماع في نهار رمضان هو في حقِّ المقيم.
أما من كان مسافرًا فيجوز له الجماع في نهار رمضان،
ويجوز له أن يفطر بالجماع كما يجوز له أن يفطر بالأكل والشرب.قال تعالى: ﴿
فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
﴾ [البقرة:184].
· وهذا
قول أحمد في رواية عنه والشافعي، وهو قول
الشيخ ابن عثيمين في «فتاواه».
· المريض
المقيم في بلده كالمسافر في إباحة الجماع له،
فله أن يجامع ولو كان مقيمًا، لقوله تعالى: ﴿ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾.
· إذا
رجع المسافر إلى بلده في نهار رمضان، وكان
مفطرًا ووجد زوجته قد اغتسلت من الحيض مثلًا فيجوز له أن يجامعها.
كتبت
عن والدي رَحِمَهُ الله: الذي ننصحه بالإمساك، وهي كذلك ننصحها بالإمساك،
وإذا جامعها ليس عليه شيء. اهـ.
أما من قدم بلده من سفر وهو صائم ثم جامع فعليه كفارة المجامع
في نهار رمضان.
· من
طلع عليه الفجر وهو يجامع واستمرَّ فعليه الكفارة،
أما إذا نزع مباشرة فصومه صحيح. وقد ذهب إلى
ذلك الشافعي وأبو حنيفة وهو قول والدي الشيخ مقبل رحمهم الله.
· إذا
نزع عند طلوع الفجر لكنه أنزل، قال النووي في «المجموع» (6/ 322): إذَا جَامَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ نَزَعَ مَعَ
طُلُوعِهِ أَوْ عَقِبَ طُلُوعِهِ وَأَنْزَلَ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ
تَوَلَّدَ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ فَلَمْ يجب فيه شيء كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ
رَجُلٍ قِصَاصًا فَمَاتَ المقتص مِنْهُ فَهَذَا هُوَ التَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ. اهـ.
· إذا
جامع الرجل في نهار رمضان في يوم واحد أكثر من مرة،
فهل عليه على كل جماع كفارة؟
استفدت
من والدي رحمه الله: الذي يظهر أن الكفارة لا
تتكرر وعليه كفارة واحدة. اهـ.
· كفارة
الجماع عند أهل العلم هي على من جامع في نهار رمضان دون القضاء. قال البغوي رَحِمَهُ الله في «شرح السنة» (6/290): وَلَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ قَضَاءٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ،
فَأَفْطَرَ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلا
كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ،
إِنَّمَا الْكَفَّارَةُ فِي إِفْسَادِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ.
وفي
كلام ابن قدامة رَحِمَهُ الله في «المغني» (2059)ما يدل على وجود خلافٍ في المسألة فقد ذكر عن
قَتَادَةَ: تَجِبُ الكفارة عَلَى مَنْ وَطِئَ
فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ.
· الاحتلام
للصائم، قال النووي رَحِمَهُ الله في «المجموع» (6/322): أَمَّا إذَا احْتَلَمَ فَلَا يُفْطِرُ
بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ. اهـ.
----------
حكم الوصال في الصوم
عَنْ
أبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«إيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ، فَقِيلَ إنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: إنِّي أَبِيتُ
يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي، فَاكْلُفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ».
وَعَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ: «نَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ، فَقَالَ إنَّكَ تُوَاصِلُ، فَقَالَ: إنِّي لَسْتُ
كَهَيْئَتِكُمْ إنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِما.
وَعَنْ
أبي سَعِيدٍ أنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: «لَا تُوَاصِلُوا فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أن يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى
السَّحَرَ، قَالُوا: إنَّك تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: لَسْتُ
كَهَيْئَتِكُمْ إنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِي»
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
الوصال في الصوم: قال ابن الجوزي في «كشف المشكل» (2/545): الْوِصَال فِي الصّيام أَن تصل اللَّيْل
بِالنَّهَارِ فِي ترك الْأكل. اهـ.
«إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي
وَيَسْقِينِي» ذكروا
احتمالَين
أَحدهمَا: أَنه يحْتَمل أَن يخص بِطَعَام وشراب
حَقِيقَة وَلَا يفْسد صَوْمه، كَمَا يغطُّ فِي
نَومه وَلَا ينْتَقض وضوؤه، فَيكون هَذَا
مُضَافا إِلَى خَصَائِصه الَّتِي أُكْرِم بهَا.
الثَّانِي: أَنه يحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى: إِنِّي أعَان وَأقوى،
فَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة الطَّعَام وَالشرَاب.
والاحتمال الثاني: هو الصواب أنه عبارة عن الغذاء
الرُّوحي لأنه لو كان طعامً وشرابًا حسيَّا لم يكن صائمًا،
ولكنه من باب قول الشاعر
لها أحاديث من ذكراك تشغلها...عن الشراب وتلهيها عن الزاد
في هذه الأحاديث:
· النهي
عن الوصال في الصوم.
وقد
ذهب الإمام أحمد في رواية عنه والشافعي إلى تحريم الوصال في الصوم، وقالوا: هذا
من خصائص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فقد أنكر على
الصحابة الوصال «إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي
رَبِّي وَيَسْقِينِي». ولأن الليل ليس بمحل
للصوم. قال تعالى:
﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى
اللَّيْلِ﴾ [البقرة:187].
وذهب
أكثر أهل العلم كما في «المغني» (3/175) إلى كراهة
الوصال في الصوم. وهذا قول المجد رحمه الله. وقالوا إنَّمَا أَتَى بِالنهي رَحْمَةً لَهُمْ، وَرِفْقًا بِهِمْ،
لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ قَالَتْ عَائِشَةُ: «نَهَى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوِصَالِ، رَحْمَةً لَهُمْ»
رواه البخاري ومسلم.
· في
حديث أبي سعيد الخدري دليل على جواز الوصال في الصوم إلى السحر فقد قال صلى الله
عليه وسلم: «لَا
تُوَاصِلُوا فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أن يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرَ».
وقد
ذهب إلى جواز الوصال في الصوم إلى السحر أحمد،
وإسحاق. وهو اختيار البخاري وكذا الحافظ ابن حجر وهو قول والدي الشيخ مقبل.
والكلام
على الجواز. وتركه أفضل لقول النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا
الفِطْرَ» وغير ذلك من الأدلة في استحباب
تعجيل الفطر عند غروب الشمس.