جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 16 فبراير 2019

(10)من أحكام الصلاة


مواضع رفع اليدين في الصلاة



عَنْ عبدالله بن عمر رضي الله عنهما:  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا، وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ.

وأخرج البخاري (739)من حديث ابن عمر رضي الله عنه :وإذا قام من الركعتين رفع يديه.


نستفيد من هذا الحديث:

رفع اليدين في الصلاة في أربعة مواضع:

عند تكبيرة الإحرام

عند الركوع

عند الرفع من الركوع

عند القيام من التشهد الأوسط



قال النووي رحمه الله  في  «شرح صحيح مسلم»: أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى اسْتِحْبَابِ رَفْعِ اليدين عند تكبيرة الْإِحْرَامِ .


 وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وجمهور العلماء من الصحابة رضي الله عنهم فمن بَعْدَهمْ : يُسْتَحَبُّ رَفْعُهُمَا أَيْضًا عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ.


 وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَفْعُهُمَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ رَابِعٍ وَهُوَ إِذَا قَامَ مِنَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ،وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ ثم ذكر حديث ابن عمر وأبي حميد الساعدي في المسألة.
 ثم قال:وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَبَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ : يُسْتَحَبُّ أَيْضًا فِي السُّجُودِ.

 وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ أَهْلِ الْكُوفَةِ :لَا يُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ مالك .اهـ.



وجاء رفع اليدين أيضًا في السجود وعند الرفع من السجود.

روى النسائي(1085)عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ«رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَإِذَا سَجَدَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ». قال الشيخ الألباني في «تمام المنة» (ص172): أخرجه النسائي وأحمد وابن حزم بسند صحيح على شرط مسلم.اهـ.


وجاء عن وائل بن حجر عند أبي داود (723)الحديث وفيه (وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ أَيْضًا رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ ).

 



ولكنه قد جاء عن ابن عمر عند البخاري(738)وَلاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلاَ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ.ورواه مسلم (390)عن ابن عمر بلفظ «وَلَا يَفْعَلُهُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ».

فكيف الجمع بين نفي ابن عمر وإثبات مالك بن الحويرث ووائل بن حجر؟

الجواب هو ما قال ابن رجب في «فتح الباري»(4/326) :ويجاب عن هذه الروايات كلها على تقدير أن يكون ذكر الرفع فيها محفوظا، ولم يكن قد اشتبه  بذكر  التكبير بالرفع  بأن مالك بن الحويرث ووائل بن حجر لم يكونا من أهل المدينة، وإنما كانا قد قدما إليها مرة أو مرتين، فلعلهما رأيا النبي  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فعل ذَلِكَ مرة، وقد عارض ذَلِكَ نفي ابن عمر، مع ملازمته للنبي  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشدة حرصه على حفظ أفعاله واقتدائه به فيها، فهذا يدل على أن أكثر أمر النبي  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  كانَ ترك الرفع فيما عدا المواضع الثلاثة والقيام من الركعتين .اهـ .



واستفدت من والدي رحمه الله نحو ما تقدم:أن نفي ابن عمر  لرفع اليدين في السجود محمول على أنه  ما رآه،والمثبت مقدمٌ على النافي، ولكن ابن عمر أكثر ملازمة لرسول الله من مالك ووائل فيحمل على أنه فعله في بعض الأحيان.





وكان يذكر لنا  والدي: كان أبو حنيفة لا يرى الرفع من الصلاة إلا عند تكبيرة الإحرام، فصلى مرةً بجانب عبد الله بن المبارك فكان يرفع عبد الله بن المبارك يديه كلما ركع وكلما رفع رأسه من الركوع، فقال له أبو حنيفة: تريد أن تطير فقال عبد الله: لئن طرتُ في الثانية لقد طرتَ في الأولى فأفحمه عبد الله اهـ .

وهذا الأثر علقه البخاري في « جزء رفع اليدين »(رقم 45) وقال عقبه : قَالَ وَكِيعٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ كَانَ حَاضِرَ الْجَوَابِ فَتَحَيَّرَ الْآخَرُ ،وَهَذَا أَشْبَهُ مِنَ الَّذِينَ يَتَمَادُونَ فِي غَيِّهِمْ إِذَا لَمْ يُبْصِرُوا.اهـ.



علمنا مما تقدم مواضع رفع اليدين في الصلاة وأنها ستة مواضع.

وأنَّ رفع اليدين في السجود والرفع منه يستحب فعله أحيانًا لأن ابن عمر نفى ذلك وهو أكثرُ ملازمة ممَّن أثبته وهما مالك بن الحويرث ووائل بن حجر رضي الله عنهم أجمعين.ويكون هذا مِنْ تنوع العبادات.

أما جمهور العلماء فلا يرون استحباب رفع اليدين في السجود لأن ابن عمر نفاه كما تقدم.يراجع فتح الباري(739).