جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 26 أبريل 2017

(111)سِلْسِلَةُ الفَوَائِدِالعِلْمِيَّةِ والمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ

                           
                            سن الشباب

سن الشباب أحسن مرحلة من مراحل عمر الإنسان .

 ولهذا كان سن الشباب  سن أهل الجنة .روى مسلم (2837) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا  فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43].
وسن الشباب مرحلةٌ قصيرة ، لأنها مِن  نهاية خمس عشرة إلى خمسٍ وثلاثين ،فهي عشرون عامًا .وهي أسرعُ مرحلة تنتهي من مراحل العمر.
-مرحلة الشباب سن طيش ،وسنُّ اندفاع إلى حظوظ النفس وملذاتها ،ولهذا فيه ترغيب عظيم للشاب الذي ينشأ على عبادة الله .روى البخاري (1423)،ومسلم (1031) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:« سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ..»،وهذا  ترغيب في حفظ سن الشباب واستغلال الشباب، لأن سن الشباب مفسدة لا ينجو من شره إلا من سلمه الله ،و كما قال الشاعر: 
إن الشباب والفراغ والـجـدة ** مفسدة للمرء أي مـفـسـدة 

وقال ابن الملقن رحمه الله في «شرح البخاري»(6/448): 
الشباب شُعبة الجنون.اهـ
ولهذا قد يذهب سن الشباب من غير فائدة  ولا ثمرة.  

وفي زماننا زادتِ المُغريات وأسباب الضياع ،فصار أكثر الشباب رجالا ونساء كأنهم مجانين ،بعد السَّمر ، وبعد الأجهزة ،والمُلهيات ،ولاحول ولاقوة إلا بالله.

-هذه المرحلة ،الله عزوجل سائلٌ للشباب عنها كما في الحديث:« وعن شبابه فيما أبلاه».

-ولو وَجد هذا الصنفُ التوعيةَ والتوجيه كما ينبغي  لَما خسِر  وضيَّع أحسنَ مرحلة من مراحل عمره ، فإنَّ سنَّ الشباب مع كونه سنَّ طيش فإنه أدعى لقبول الحق من كبار السن،قال تعالى في شأن أصحاب الكهف:﴿ ﻧَﺤْﻦُ ﻧَﻘُﺺُّ ﻋَﻠَﻴْﻚَ ﻧَﺒَﺄَﻫُﻢْ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﺇِﻧَّﻬُﻢْ ﻓِﺘْﻴَﺔٌ ﺁﻣَﻨُﻮا ﺑِﺮَﺑِّﻬِﻢْ ﻭَﺯِﺩْﻧَﺎﻫُﻢْ ﻫُﺪًﻯ ﴾[الكهف:13].

قال ابن كثير في«تفسير هذه الآية»(5/127):ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ فِتْيَةٌ وَهُمُ الشَّبَابُ، وَهُمْ أَقْبَلُ لِلْحَقِّ وَأَهْدَى لِلسَّبِيلِ مِنَ الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا فِي دِينِ الْبَاطِلِ، وَلِهَذَا كَانَ أَكْثَرُ الْمُسْتَجِيبِينَ لله تعالى وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا، وَأَمَّا الْمَشَايِخُ مِنْ قُرَيْشٍ، فَعَامَّتُهُمْ بَقُوا عَلَى دِينِهِمْ وَلَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ. وَهَكَذَا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِتْيَةً شبابا .اهـ

-مرحلة الشباب  سنُّ الحفظ وصفاء الذاكرة وارتساخ المعلومة. روى أبوخيثمة زهير بن حرب رحمه الله في «العلم»  (156) بسند صحيح عن علقمة بن قيس  ما سمعته وأنا شاب فكأني أنظر إليه في قرطاس أو ورقة.
يعني:محفوظاته التي حفظها وهو شاب كأنها أمامه في ورقة.
مثل بعض حفَّاظ القرآن الكريم المتقنين يقرأ السورة ،وكأن المصحف أمامه الورقة تلو الأخرى .

قال الخطيب في«الفقيه والمتفقه»(2/179):التَّفَقُّهُ فِي زَمَنِ الشَّبِيبَةِ وَإِقْبَالِ الْعُمُرِ ، وَالتَّمَكُّنُ مِنْهُ بِقِلَّةِ الْأَشْغَالِ ، وَكَمَالِ الذِّهْنِ وَرَاحَةِ الْقَرِيحَةِ يَرْسُخُ فِي الْقَلْبِ ، وَيَثْبُتُ ، وَيَتَمَكَّنُ،وَيَسْتَحْكِمُ ، فَيَحْصُلُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَالْبَرَكَةُ  إِذَا صَحِبَهُ مِنَ اللَّهِ حُسْنُ التَّوْفِيقِ، وَإِذَا أُهْمِلَ إِلَى حَالَةِ الْكِبَرِ الْمُغِيرَةِ لِلْأَخْلَاقِ  النَّاقِصَةِ لِلْآلَاتِ ، كَانَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا أَنْتَ أَعْيَاكَ التَّعَلُّمُ نَاشِئًا . فَمَطْلَبُهُ شَيْخًا عَلَيْكَ شَدِيدُ.