فضل المشي في الظلمة إلى المساجد
عن
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَا مِنْ
عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ يُضِيئَانِ
بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ، مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ».رواه
البخاري (465)في (أبواب المساجد).
عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ يُضِيئَانِ
بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ، مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ».رواه
البخاري (465)في (أبواب المساجد).
وروى
البخاري(3805)معلقًا:«كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادُ بْنُ
بِشْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
ووصله
أحمد(20/295) بلفظ:أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ
كَانَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ
ظَلْمَاءَ حِنْدِسٍ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ أَضَاءَتْ عَصَا
أَحَدِهِمَا فَكَانَا يَمْشِيَانِ بِضَوْئِهَا، فَلَمَّا تَفَرَّقَا أَضَاءَتْ
عَصَا هَذَا وَعَصَا هَذَا .
وروى
أبوداود(561)عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قَالَ: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى
الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
والحديث صححه العلامة الألباني رحمه الله في«صحيح
سنن أبي داود»(570).
قال
الحافظ ابن حجر في«فتح الباري»(تحت رقم 465)عن حديث أنس بن مالك السابق: وَجْهُ
تَعَلُّقِهِ بِأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ من جِهَة أَن الرجلَيْن تأخرا مَعَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فِي تِلْكَ
اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ لِانْتِظَارِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مَعَهُ، فَعَلَى هَذَا
كَانَ يَلِيقُ أَنْ يترجم لَهُ (فضل الْمَشْي إِلَى الْمَسْجِد فِي اللَّيْلَةِ
الْمُظْلِمَةِ)، وَيُلْمِحُ بِحَدِيثِ «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلْمِ
إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَقَدْ أَخْرَجَهُ
أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيث بريدة.
وَظَهَرَ شَاهِدُهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ
لِإِكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَى هَذَيْنِ الصَّحَابِيَّيْنِ بِهَذَا النُّورِ
الظَّاهِرِ، وَادَّخَرَ لَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَتَمُّ
مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.اهـ
ويشملُه عموم فضل الخُطا إلى المسجد .قال تعالى:﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ
مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾.
وللمفسرين قولان في المراد بالآثار:أحدهما المراد آثارهم التي
أورثوها أي :سنُّوها مِن بعدهم سواء من خير أو شر.
الثاني:آثار خُطاهم إلى الطاعة أو المعصية إلى المسجد أوغيره .
قال الحافظ ابن كثيررحمه الله في «تفسير سورة يس»:وهذا القول-أي أن الآثار هي الخُطا-
لا تنافي بينه وبين الأول، بل في هذا تنبيه ودلالة على ذلك بطريق الأولى والأحرى، فإنه إذا كانت هذه
الآثار تُكتَب، فلأن تُكْتَبَ تلك التي فيها قُدوة بهم من خير أو شر بطريق الأولى،
والله أعلم.اهـ
وأخرج
الإمام مسلم في صحيحه (665) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: خَلَتِ
الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى
قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ
تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ» ، قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ أَرَدْنَا
ذَلِكَ، فَقَالَ: «يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ،
دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ».
وأخرج
مسلم رحمه الله (1009)عن أبي هريرة قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ
تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ» قَالَ: «تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ،
وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ
عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ» قَالَ: «وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ،
وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ
الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ».