جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 10 أبريل 2016

(13) (التَّذْكِيْرُ بِسِيْرَةِ سَيِّدِ البَشَرِ


اختصارُ درسِ الحادي والعشرين من (الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم)

* بعثُ عبدِ الله بن عَتيك وأصحابه إلى قتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق: كان أبورافع بن أبي الحقيق من كبار يهود بني النضير وتاجر الحجاز، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو ممن حرَّض على حرب المسلمين يوم الأحزاب وألَّب الكفار. ولما قتل الله ـ وله الحمد ـ كعب بن الأشرف على يد رجال من الأوس، رغبتِ الخزرجُ في قتله طلباً لمساواة الأوس في الأجر. وللمسابقة والمنافسة في الخير والأجر، وبعث صلى الله عليه وسلم إليه من يغتاله من بني سَلِمَة وأمَّر عليهم  عبدَ الله بن عتيك فخرجوا إليه وكان في حصن له بأرض الحجاز فلما دنوا من حصنه احتال عبد الله بن عَتيك ودخل حصنه ليلًا وقتله الله على يد عبد الله بن عتيك وحده. والقصة بتمامها في «صحيح البخاري»(4039).
* واختُلفوا في أي سنةٍ كان قتله؟ الحافظ ابن كثير رحمه الله في «الفصول» ذكرَ قتل أبي رافع بعد غزوة بني قريظة  من السنة الخامسة. وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري» (7/427): قَالَ ابن سَعْدٍ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ، وَقِيلَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ، وَقِيلَ فِيهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ ،وَقِيلَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ. اهـ.
* فائدة: قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (7/427): وَلِأَبِي رَافِعٍ الْمَذْكُورِ - اليهودي - أَخَوَانِ مَشْهُورَانِ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ. أَحَدُهُمَا: كِنَانَةُ وَكَانَ زَوْجَ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخُوهُ الرَّبِيعُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ وَقَتَلَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ. اهـ.
*غزوة بني لِحيان: كانت هذه الغزوة بعد قريظة بستة أشهر، وذلك في جمادى الأولى من السنة السادسة، قال ابن كثيرٍ رحمه الله في «الفصول»: على الصحيح، وقال ابن حزم في «جوامع السيرة» (159): والصحيح: أنها السنة الخامسة.
* سبب هذه الغزوة: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أراد أن يأخذ بثأر أصحاب الرجيع، الذي قُتِل فيه خبيب بن عدي وعاصم بن ثابت رضي الله عنهما، ثم نزل بلاد بني لحيان وكان قد  بلغهم أنه صلى الله عليه وسلم خرج لقتالهم، فتفرَّقُوا وتحصَّنُوا في رؤوس الجبال. ثم رجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى المدينة.
* غزوة ذِي قَرَدٍ: وتسمى غزوة الْغَابَةِ. واختلف أهل العلم متى كانت؟ فمن أهل العلم من قال إنها في السنة السادسة بعد غزوة بني لحيان وقبل وقعة الحديبية وخيبر. ومنهم من قال: كانت في شهر صفر قبل غزوة خيبر في السنة السابعة، ودليل هذا الثاني ما في «صحيح مسلم» (1807) عن سلمة بن الأكوع  «...قَالَ: فَوَاللهِ، مَا لَبِثْنَا إِلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».وقد ساق سلمة في هذا الحديث ثلاث غزوات على الترتيب فبدأ بالحديبية ثم بغزوة ذي قَرَد ثم غزوة خيبر .
قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (3/248): وَهَذِهِ الْغَزْوَةُ كَانَتْ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقَدْ وَهِمَ فِيهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ، فَذَكَرُوا أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ. اهـ.
* سبب هذه الغزوة: أنه أغار أُناس من غطفان على لقاح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقتلوا راعيها وأخذوا امرأته، منهم عيينة بن حصن وعبد الرحمن بن عيينة، وكان أول من عَلم بذلك سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فاستقبل المدينة وصرخ ثلاثًا يا صباحاه - كلمة تقال للاستنفار - فسمع الناس فغاروا، وخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، واشتد سلمة بن الأكوع في السعي إليهم فهزموا واسترجع اللقاح، ولم يبق شيء في أيديهم وقتل من قتل منهم، وكان يقول: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ *** وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
والقصة بتمامها في «صحيح مسلم» ( 1807) عن سلمة بن الأكوع.
* من شهداء هذه الغزوة: مُحْرِز بن نَضْلَة الأخرم. قتله عبد الرحمن بن عيينة فحمل على عبدِ الرحمن أبو قتادة فقتله. وأثنى في هذه الغزوة النبي صلى الله عليه وسلم على أبي قتادة وسلمة بن الأكوع .أخرج الإمام مسلم في «صحيحه» (1807) عن سلمة بن الأكوع «...فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ...». (رَجَّالَتِنَا) أي: الذين يمشون على أرجلهم.
* قصة نجاة المرأة المأسورة على ناقة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد نذرت: إن أنجاها الله عليها لتنحرنها، «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئسما جزتها، لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا في معصية». وأخذ ناقته). والحديث في «صحيح مسلم» (1641) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما لكن ليس فيه أنه كان في غزوة ذِي قَرَدٍ.      قال القرطبي رحمه الله في «المُفهم»: إنَّما صدر هذا الذمُّ منه لأن ذلك النذر مستقبحٌ عادة؛ لأنه مقابلة الإحسان بالإساءة. وذلك: أن النَّاقة نجَّتها من الهلكة، فقابلتها على ذلك بأن تُهلِكَها. وهذا هو الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم.
* غزوة بني المصطلق: ويقال: غزوة المريسيع، وهذه الغزوة يقول ابن كثير رحمه الله في «الفصول»: (في شعبان من السنة السادسة، وقيل: كانت في شعبان سنة خمس والأول أصح). وهذا الثاني رجحهُ ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد».
* سبب هذه الغزوة: أنه بلغ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الحارث بن أبي ضرار سيد بني المصطلق كان يجمع لمحاربة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فخرج عليهم وهم غارُّون على ماء لهم يسمى المريسيع، فقتل من قتل منهم، وسبى النساء والذرية، وكان من السبي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، وقعت في سهم ثابت بن قيس فأسلمت رضي الله عنها وكاتبها ثابت فاستعانت بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأدى عنها وتزوجها، فصارت أم المؤمنين، فأعتق المسلمون بسبب ذلك مائة بيت من بني المصطلق قد أسلموا. وقد استعمل على المدينة أبا ذر، وقيل: نُميلة بن عبد الله الليثي. وكانت جويرية رضي الله عنها تحت مسافع بن صفوان المصطلقي، وقد قُتِل في هذه الغزوة غزوة بني المصطلق، ووالد جويرة الحارث بن أبي ضرار جاء أنه أسلم بعد ذلك.
* قصة عبد الله ابن أُبي بن سلول وأنه قال عند مرجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من غزوة بني المصطلق: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، والحديث في «الصحيحين» لكن ليس فيه أن عبد الله بن أبي قال هذا عند رجوعهم من غزوة بني المصطلق، ولكن جاء في «مسند أحمد» عن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه.
وهذا هو الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ المُرَيسيع، وَهِيَ غَزْوَةُ بَنِي المصطلق كما في «تفسير سورة المنافقون» للحافظ ابن كثير.
من فوائد هذه الغزوة:
1- أن بني المصطلق هُزِموا بعد أن كانوا يستعدون لقتال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأنه أصابهم الذلة والقتل والسبي.
2- جواز استرقاق العرب كما يجري على العجم.
3- جواز الإغارة على الكفار. وهو محمول على أنهم قد بلغتهم الدعوة.
4- تقسيم أموال الغنيمة بين المسلمين فقد قسمها صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ووقعت جويرية في سهم ثابت بن قيس.