تابع سلسلةالفوائد ..
نتواصى بالصبر على العلم فإنَّ الجنة ليستْ
ممهَّدَةً بالورود والزُّهور، بل هي
محفوفة
بالمكاره كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حُفَّت الحنة بالمكاره
وحفت
النار بالشهوات .
وقد كان
الوالد رحمه الله يقول: (دارِ نفسَك ولو
بحبَّة حلوى) .
العلم شاق، ولكن نداري أنفسنا ، ونشجِّعُها ، ونروِّضُها حتى تَجِدَ حلاوته
فلا تجد بعد ذلك أُنْسًا
ولا راحةً إلا في طلبِ العلم ،والجزاء الجنة روى
الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة
رضي الله عنهقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ
عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ .
وقد قال يحيى ابنُ أبي كثير لولدِه عبدِالله : «لَا يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ
الْجِسْمِ» .
والأثرُ في صحيحِ مسلم
(612) في أحاديثِ المواقيت .
ترك راحة الجسد من تقليل النوم ، وكدِّ الذهن في فهم
المسائل، الصبر،الحفظ ، المجاهدة في البعد
عن الشهوات
،التغاضي عن الأُمور التي تشغل وتصرف عن الإقبال عن
العلم { مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ
}.
قال الشافعي رحمه الله في الرسالة ص 19 :والناس في العلم طبقات، موقعُهم من العلم
بقدْر
درجاتهم في العلم به.
فحقَّ على طلبة العلم بلوغُ غاية جهدِهم في الاستكثار
من علمه، والصبرُ على كل عارض دون طَلَبِه، وإخلاص النية لله في استدراك علمه نصاً
واستنباطاً، والرغبة إلى الله في العون عليه، فإنه لا يُدرَك خيرٌ إلا بعونه.
وقال أبو بكر الخطيب رحمه الله في
الجامع لأخلاق الراوي والسامع :ولن يصبر على الحال الصعبة إلا من آثر العلم على ما
عداه، ورضي به عوضًا من كل شيء سواه.
والشاعر يقول
لا تحسب المجدَ تمرًا أنت آكِلُه لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
وكان والدي رحمه الله يقول : يا أبنائي
:لو كان العلمُ يُسْقَى في كأسٍ لأسقيتُكُموه ولكن لا يُتَحصَّلُ عليه إلا
بحكِّ الرُّكب على الحَصير .
ولنعلم
أنه لا حياةَ إلا بالعلم فالعلم حياة للقلوب والأبدان .
وسبحان
ربي لقد عُدَّ في فضائلِ العلم أنه يشغل الوقت
، فمن كان يطلب العلم بجد وصدق
فإنه لا يَجدُ وقتاً للكلام والفُضُول ، ويَدفع
بقدرِ ما يمكن .
والوقت إذا لم يُشغل بالحق والخير شغلَ بالباطل
والأمور التافهة .
ومن المصيبةِ أن يُزَيِّنُ الشيطانُ لبعض الناس
أنه ينصرالحقَّ في كتاباته وأحواله وهو يخذُلُه
ويفتح طريق شر وبلاء.
فإن كنتَ لاتدري فتلكَ مصيبةٌ وإن
كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظم
والصوارف كثيرةٌ عن طلب العلم لكن بالصبر
والمصابرة والصلاة والدعاء تُدفع بإذن الله قال تعالى { يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ
مَعَ الصَّابِرِينَ } .
ونسأل الله العافية .