جديد الرسائل

السبت، 12 ديسمبر 2015

حُكْمُ الاستعاذة في الركعة الثانية عند أهل العلم

تابع /سلسلة الفوائد...   

 في المسألة ما  رواه مسلم (599) من حديث أبي هُرَيْرَةَ 

رضي الله عنه  «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ

 الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَمْ يَسْكُتْ» .

استدلَّ بهذا الحديث من قال : لا يقرأ الاستعاذة في الركعة الثانية .

وقد عزا هذا القولَ ابنُ رجب في فتح الباري (4/387) إلى 

عطاء والحسن والنخعي والثوري وأبي حنيفة وأحمد في رواية 

عنه .

واستظهره ابن القيم في زاد المعاد (1/242) وقال : كَانَ إِذَا 

نَهَضَ افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَسْكُتْ، كَمَا كَانَ يَسْكُتُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ   .

قال : واخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ: هَلْ هَذَا مَوْضِعُ اسْتِعَاذَةٍ أَمْ لَا؟ بَعْدَ 

اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ اسْتِفْتَاحٍ  .

 وَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أحمد  .

وَقَدْ بَنَاهُمَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الصَّلَاةِ هَلْ هِيَ قِرَاءَةٌ 

وَاحِدَةٌ؟ فَيَكْفِي فِيهَا اسْتِعَاذَةٌ وَاحِدَةٌ، أَوْ قِرَاءَةُ كُلِّ رَكْعَةٍ مُسْتَقِلَّةٌ 

بِرَأْسِهَا  .

وَلَا نِزَاعَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الِاسْتِفْتَاحَ لِمَجْمُوعِ الصَّلَاةِ  .

 قال : وَالِاكْتِفَاءَ بِاسْتِعَاذَةٍ وَاحِدَةٍ أَظْهَرُ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ 

أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «كَانَ إِذَا نَهَضَ مِنَ 

الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 

[الفاتحة: 2] » ) وَلَمْ يَسْكُتْ  .

 وَإِنَّمَا يَكْفِي اسْتِعَاذَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلِ الْقِرَاءَتَيْنِ سُكُوتٌ، بَلْ 

تَخَلَّلَهُمَا ذِكْرٌ، فَهِيَ كَالْقِرَاءَةِ الْوَاحِدَةِ إِذَا تَخَلَّلَهَا حَمْدُ اللَّهِ أَوْ تَسْبِيحٌ 

أَوْتَهْلِيلٌ أَوْ صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ 

.اهـ


وقد سألت  الوالد رحمه الله عن هذه المسألة  وأفاد :


أنه يكتفي بالاستعاذة  في الركعة الأولى واستدل بحديث 

أبي هريرة المتقدم «كَانَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا 

نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ  الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ 

الْعَالَمِينَ وَلَمْ يَسْكُتْ» .

وذهب بعضُ أهل العلم إلى أنه يستعيذ في كل ركعة

لقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ 

الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] . فَيَقْتَضِي ذَلِكَ تَكْرِيرَ الِاسْتِعَاذَةِ 

عِنْدَ تَكْرِيرِ الْقِرَاءَةِ، وَلِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ لِلْقِرَاءَةِ، فَتُكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا، 


كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي صَلَاتَيْنِ  . 


ذكره ابنُ قُدامةَ رحمه الله في المغني  مسألة(741)  .

وهذا قولٌ لأحمد وهو الصحيح عند الشافعية وقول ابن حزم في 

المحلى   .

ورجَّحه الشيخ الألباني رحمه الله في تمام المنة ص 176 .

وأجاب عن قوله في حديث أبي هريرة "ولم يسكت" :

أنه  ليس صريحاً في أنه أراد مطلق السكوت بل الظاهر أنه 

أراد سكوته السكتة المعهودة عنده وهي التي فيها دعاء 

الاستفتاح المتقدم في الكتاب ص 266 وهي سكتة طويلة فهي 

المنفية في حديثه هذا  .

وأما سكتة التعوذ والبسملة فلطيفة لا يحسُّ بها المؤتم لاشتغاله 

بحركة النهوض للركعة  .  اهـ