جديد الرسائل

الأحد، 13 ديسمبر 2015

" بابُ الإمامة" من / عمدة اﻷحكام للإِمام الحافظ عبدالغني بن عبدالواحد المقدسي رحمه الله 1437/3/3 .

      
ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ -ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ -ﻋَﻦْ اﻟﻨَّﺒِﻲِّ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻗَﺎﻝَ: (ﺃَﻣَﺎ ﻳَﺨْﺸَﻰ اﻟَّﺬِﻱ ﻳَﺮْﻓَﻊُ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻗَﺒْﻞَ اﻹِﻣَﺎﻡِ ﺃَﻥْ
ﻳُﺤَﻮِّﻝَ اﻟﻠَّﻪُ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﺭَﺃْﺱَ ﺣِﻤَﺎﺭٍ , ﺃَﻭْ ﻳَﺠْﻌَﻞَ ﺻُﻮﺭَﺗَﻪُ ﺻُﻮﺭَﺓَ ﺣِﻤَﺎﺭٍ ) .
*********************
في هذا الحديث  
1-النهي عن مسابقة الإمام والوعيدُ الشديدُ على ذلك  .

وإذا خالف وسابق الإمامَ في أفعال الصلاة فصلاته مجزئة عند 

جمهور العلماء مع الإثم .

2-الحديث  على ظاهره أنَّ الذي يسابقُ الإمامَ  يُخشى أن يحوِّل 

اللهُ  رأسه رأس حمار أو يجعلَ صورتَه صورة حمار .

وبعضهم يقول نجد كثرة  من يسابق الإمام في أفعاله ولانرى 


تحقُّقَ هذا الوعيد؟  .

 والجواب أنه وعيدٌ ولا يلزمُ من وقوعه  .

أيضاً إن  لم يحصلْ في الدنيا فقد يكون في اﻵخرة إذا لم يعفُ 

 اللهُ عنه ويتجاوز عنه  .

ولأجل هذا بعض العلماء  يقول :المراد به البلادة أي :  يجعله 

بليدا كالحمار   .

واﻷخذ بظاهر الدليل أولَى  .

3-استنبط الشيخُ  التويجريُّ رحمه الله تعالى في كتابه" إعلام

 النكير على المفتونين بالتصوير"  : أن الوجهَ داخلٌ في عموم 

النهي في التصوير ﻷن النبي صلى الله عليه وسلم سمَّى الوجَهَ 

صورة   فهو داخِلٌ في أدلَّة تحريم التصوير لإطلاق الصُّورة 

عليه لغة وشرعا  .

-والله المستعان -انتشر  أمرُ التصوير ، وبعضُها صُور وجوه

 فقط ، وهناك مَن يرسل بوجوه كالمعبِّر عن الموضوع أنه 

حزين أو مريض أومسرور  وما أشبه ذلك .

ونعوذ بالله من الفتن  ، إنها  فتن  عمَّت  وطمَّت  ، ولاحول 

ولاقوة اﻹ بالله .

ومن المسائل في هذا : إذا كان الرأسُ وحده موجوداً دونَ 

الوجه هو أيضاً  يدخل في تحريم التصويرلأن تصوير الرأس

هوأعظم مقصود بالنهي (مُرْ برأسِ التِّمثال فليُقطع ) وقد أفاد 

بذلك التويجريُّ رحمه الله في  كتابه "إعلان النكير على

المفتونين بالتصوير " .

******************
 - ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻋَﻦْ اﻟﻨَّﺒِﻲِّ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻗَﺎﻝَ: (ﺇﻧَّﻤَﺎ ﺟُﻌِﻞَ اﻹِﻣَﺎﻡُ ﻟِﻴُﺆْﺗَﻢَّ ﺑِﻪِ. ﻓَﻼ ﺗَﺨْﺘَﻠِﻔُﻮا
ﻋَﻠَﻴْﻪِ ،  ﻓَﺈِﺫَا ﻛَﺒَّﺮَ ﻓَﻜَﺒِّﺮُﻭا , ﻭَﺇِﺫَا ﺭَﻛَﻊَ ﻓَﺎﺭْﻛَﻌُﻮا ، ﻭَﺇِﺫَا ﻗَﺎﻝَ: ﺳَﻤِﻊَ اﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﻤِﺪَﻩُ , ﻓَﻘُﻮﻟُﻮا: ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﻟَﻚَ اﻟْﺤَﻤْﺪُ ، ﻭَﺇِﺫَا ﺳَﺠَﺪَ ﻓَﺎﺳْﺠُﺪُﻭا  .
ﻭَﺇِﺫَا ﺻَﻠَّﻰ ﺟَﺎﻟِﺴﺎً ﻓَﺼَﻠُّﻮا ﺟُﻠُﻮﺳﺎً ﺃَﺟْﻤَﻌُﻮﻥَ  .
*****************

قوله:(ﺇﻧَّﻤَﺎ ﺟُﻌِﻞَ اﻹِﻣَﺎﻡُ ﻟِﻴُﺆْﺗَﻢَّ ﺑِﻪِ)

أي ليُقتدى به فلا تَختلفوا عليه في المسابقة وفي الأقوالِ 

 واﻷفعال  .

ولكن إذا كان هناك ما يخالف الشرعَ مثل أن يرسل  الإمامُ يديه ،

 كبَّر تكبيرة الإحرام  وأرسل يديه ،أو صلى ولم يؤمِّنْ

 فإنهُ لا يُتابَع ، ﻷن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلوا كما 

رأيتموني أصلي)  .



(ﻭَﺇِﺫَا ﺻَﻠَّﻰ ﺟَﺎﻟِﺴﺎً ﻓَﺼَﻠُّﻮا ﺟُﻠُﻮﺳﺎً ﺃَﺟْﻤَﻌُونَ)

أجمعون تأكيدٌ للضمير الواوفي  (ﻓَﺼَﻠُّﻮا)  .

وفي الحديثِ من الفوائدِ

1-مُتابعةُ  المأمومِ  الإمامَ  .

2-أن تكبيرَ المأموم يكون بعد تكبير الإمام لايقارِن تكبيرُهُ تكبيرَ 

الإمامِ ولايسابقه  .

3-استدلَّ به مَنْ قال : لا تَصحُّ صلاةُ  الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ 

وقد ذهب إلى هذا أحمدُ ابن حنبل وَاخْتَارَهَا أَكْثَرُ الحنابلة .

وَهُو قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ .

وذهب آخرون إلى جواز صلاة المفترض خلف المتنفل لحديث

 جَابِرٍبنِ عبدالله  «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِشَاءَ الْآخِرَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ 

تِلْكَ الصَّلَاةَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وهذا جاء في روايةٍ عن  أحمد  قال ابنُ قُدامةَ في المغني 

 مسألة (1187) وَهِيَ أَصَحُّ  .

وذكر رحمه الله أنَّ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَأَبِي رَجَاءٍ، 

وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ

الْمُنْذِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيِّ .

وقال : فَأَمَّا حَدِيثُهُمْ فَالْمُرَادُ بِهِ، لَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فِي الْأَفْعَالِ، 

بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: «فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا

سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ» . 

وَلِهَذَا يَصِحُّ ائْتِمَامُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ مَعَ اخْتِلَافِ نِيَّتِهِمَا .
اهـ

أمَّا صلاة المتنفل خلفَ المفترِض  فروى الترمذي في سننه 

(219)عن يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ رضي الله عنه  قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ

 النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّتَهُ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي

 مَسْجِدِ الخَيْفِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ انْحَرَفَ فَإِذَا هُوَ

بِرَجُلَيْنِ فِي أُخْرَى القَوْمِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، فَقَالَ: «عَلَيَّ بِهِمَا»  

فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، فَقَالَ: «مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا

مَعَنَا» ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، قَالَ: 

«فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ

جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ».


وفي «سنن أبي داود» (574): عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ

 رَسُولَ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم  أَبْصَرَ رَجُلًا يُصَلِّي

وَحْدَهُ، فَقَالَ: أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ .

قال ابنُ قدامة في المغني :  وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ 

الْمُتَنَفِّلِ وَرَاءَ الْمُفْتَرِضِ. وَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ اخْتِلَافًا .

ثم ذكر حديث أبي سعيد المذكور  .

4-أنَّ الإمامَ  يقول:( ﺳَﻤِﻊَ اﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﻤِﺪَﻩُ ) .

ثم يقول : ربنا ولك الحمد لظاهرِ الأدلة  .

قال ابنُ قدامة في المغني مسألة (706) :  يُشرعُ قَوْلُ (رَبَّنَا 

وَلَكَ الْحَمْدُ) فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ، فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَحْمَدَ، وَهَذَا 

قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ،

وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو بُرْدَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ،

 وَابْنُ الْمُنْذِرِ .

وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: لَا يَقُولُهُ الْمُنْفَرِدُ. فَإِنَّهُ قَالَ فِي رِوَاية

إسْحَاقَ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ، فَإِذَا قَالَ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ).

قَالَ: (رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) ؟ فَقَالَ: إنَّمَا هَذَا لِلْإِمَامِ جَمْعُهُمَا، وَلَيْسَ 

هَذَا لِأَحَدٍ سِوَى الْإِمَامِ .

5-أن المأموم يقتصر على(ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﻟَﻚَ اﻟْﺤَﻤْﺪُ)

فلايجمع المأموم  بين التسميع والتحميد لهذا  الدليل ولكن 

يقول: (ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﻟَﻚَ اﻟْﺤَﻤْﺪُ )  .

وفي صحيح مسلم  (404) من حديث أبي موسى وفيه :  وَإِذَا 

قَالَ أي الإمام : سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ 

الْحَمْدُ يَسْمَعُ اللهُ لَكُمْ ..)  .

قال ابنُ قدامةَ في المغني مسألة (708) : لَا أَعْلَمُ فِي الْمَذْهَبِ

 خِلَافًا أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ لِلْمَأْمُومِ قَوْلُ: "

سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ "، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي

 هُرَيْرَةَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ .

 وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو بُرْدَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ،

 وَإِسْحَاقُ: يَقُولُ ذَلِكَ كَالْإِمَامِ .

6-الإتيانُ بالواو في (ربنا ولك الحمد  ).

وثبت في صحيح البخاري (733)عن أنس بن مالك رضي اللهُ 

عنه أنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قال : إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ  لِيُؤْتَمَّ 

بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا 

قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ 

فَاسْجُدُوا " .

وتقدم في المسألةِ التي قبل هذه من حديث أبي موسى بإسقاط الواو .

   وهذا من تنوع العبادات .

قال النَّووي رحمهُ الله في شرح صحيح مسلم : كَذَا وَقَعَ  وَلَكَ 

الْحَمْدُ بِالْوَاوِ وَفِي رِوَايَاتٍ بِحَذْفِهَا وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْأَمْرَانِ .

7-في حديث أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما الذي بعده 

متابعةُ الإمامِ ﺇِﺫَا ﺻَﻠَّﻰ ﺟَﺎﻟِﺴﺎً فيصلِّي المأمومُ ﺟَﺎﻟِﺴﺎً  .

  ولكنه قد ثبت في صحيح  البُخاري (713) وصحيح مُسلِم 

 (418) من حديث عائشة رضي اللهُ عنها في مرض وفاةِ

النبي صلى الله عليه وسلم مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ» فَلَمَّا 

دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي

نَفْسِهِ خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، وَرِجْلاَهُ يَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ،

 حَتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ، ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ 

يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَسُولُ 

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ 

أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 

يُصَلِّي قَاعِدًا، يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

 وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مُقْتَدُونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

وقد نقل البُخاري عن شيخِهِ الحميدي وهوعبدالله بن الزبير أنه 

قال : قَوْلُهُ: «إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا» هُوَ فِي

مَرَضِهِ القَدِيمِ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 

جَالِسًا، وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا، لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالقُعُودِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ

بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ، مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  .اهـ

وقال النووي رحمه الله في شرح صحيحِ مسلم اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ :

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِهِ ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ

 رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى .

وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رِوَايَةٍ لَا يَجُوزُ صَلَاةُ الْقَادِرِ عَلَى

 الْقِيَامِ خَلْفَ الْقَاعِدِ لَا قَائِمًا وَلَا قَاعِدًا  .


وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَا 

يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْقَاعِدِ إِلَّا قَائِمًا

وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِ وَفَاتِهِ بَعْدَ 

هَذَا قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا اهـ المرادُ  .
وهذا ما رجحهُ والدي الشيخُ مقبل رحمه الله  أنه منسوخ 

 سمعناه منه مراراً ، وكان يذكرُ قولَ الحُميدي في هذهِ المسْأَلَة .

*******************

عن ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻗَﺎﻟَﺖْ: ﺻَﻠَّﻰ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ 

ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻓِﻲ ﺑَﻴْﺘِﻪِ ﻭَﻫُﻮَ ﺷَﺎﻙٍ , ﺻَﻠَّﻰ ﺟَﺎﻟِﺴﺎً , ﻭَﺻَﻠَّﻰ

ﻭَﺭَاءَﻩُ ﻗَﻮْﻡٌ ﻗِﻴَﺎﻣﺎً , ﻓَﺄَﺷَﺎﺭَ ﺇﻟَﻴْﻬِﻢْ: ﺃَﻥْ اﺟْﻠِﺴُﻮا فلما اﻧْﺼَﺮَﻑَ ﻗَﺎﻝَ ﺇﻧَّﻤَﺎ 
ﺟُﻌِﻞَ اﻹِﻣَﺎﻡُ ﻟِﻴُﺆْﺗَﻢَّ ﺑِﻪِ , ﻓَﺈِﺫَا ﺭَﻛَﻊَ ﻓَﺎﺭْﻛَﻌُﻮا , ﻭَﺇِﺫَا ﺭَفَعَ

ﻓَﺎﺭْﻓَﻌُﻮا , ﻭَﺇِﺫَا ﻗَﺎﻝَ: ﺳَﻤِﻊَ اﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﻤِﺪَﻩُ ﻓَﻘُﻮﻟُﻮا: ﺭَﺑَّﻨَﺎ وﻟَﻚَ اﻟْﺤَﻤْﺪُ , 
ﻭَﺇِﺫَا ﺻَﻠَّﻰ ﺟَﺎﻟِﺴﺎً ﻓَﺼَﻠُّﻮا ﺟُﻠُﻮﺳﺎً ﺃَﺟْﻤَﻌُﻮﻥ  .

****************** *
قوله( ﻭَﻫُﻮَ ﺷَﺎﻙٍ) أي مريض.

<من فوائد الحديث >

1- جواز الإﺷَﺎﺭَة في الصلاة  عند الحاجة .

 وفي صحيح البخاري (86) وصحيح مسلم(905) ﻋَﻦْ ﺃَﺳْﻤَﺎءَ، 

ﻗَﺎﻟَﺖْ: ﺃَﺗَﻴْﺖُ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ﻭَﻫِﻲَ ﺗُﺼَﻠِّﻲ ﻓَﻘُﻠْﺖُ: ﻣَﺎ ﺷَﺄْﻥُ اﻟﻨَّﺎﺱِ؟ ﻓَﺄَﺷَﺎﺭَﺕْ 

ﺇِﻟَﻰ اﻟﺴَّﻤَﺎءِ، ﻓَﺈِﺫَا اﻟﻨَّﺎﺱُ ﻗِﻴَﺎﻡٌ، ﻓَﻘَﺎﻟَﺖْ: ﺳُﺒْﺤَﺎﻥَ اﻟﻠَّﻪِ، ﻗُﻠْﺖُ: ﺁﻳَﺔٌ؟ 

ﻓَﺄَﺷَﺎﺭَﺕْ ﺑِﺮَﺃْﺳِﻬَﺎ: ﺃَﻱْ ﻧَﻌَﻢْ الحديث .

وفي البخاري (1233)ومسلم(834) من طريق  كُرَيْبٍ، أَنَّ ابْنَ 

عَبَّاس وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ رَضِيَ اللَّهُ 

عَنْهُمْ، أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالُوا: اقْرَأْ عَلَيْهَا 

السَّلاَمَ مِنَّا جَمِيعًا، وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلاَةِ العَصْرِ، وَقُلْ 

لَهَا: إِنَّا أُخْبِرْنَا عَنْكِ أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ 

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أَضْرِبُ النَّاسَ مَعَ 

عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ عَنْهَا، فَقَالَ كُرَيْبٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ

 اللَّهُ عَنْهَا، فَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي، فَقَالَتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ، فَخَرَجْتُ 

إِلَيْهِمْ، فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا، فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي

 بِهِ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَمِعْتُ النَّبِيَّ 

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى

 العَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ،

 فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الجَارِيَةَ، فَقُلْتُ: قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ: تَقُولُ لَكَ 

أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ، وَأَرَاكَ  

تُصَلِّيهِمَا، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ، فَفَعَلَتِ الجَارِيَةُ، 

فَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «يَا بِنْتَ أَبِي 

أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ 

القَيْسِ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ» .

فللمصلي أن يشيرللحاجة  يوميء  برأسه  ، أو يشير  بيده  .

2-يُستفادُ منه جوازُ الإشارة - عند الحاجة -والإمامُ  يخطبُ يوم الجمعة  .
 قال ابنُ رجبٍ رحمه الله في فتح الباري(8/275) : ولا خلاف

 في جواز الإشارة إليه بين العلماء، إلا ما حُكي عن

طاوس وحده، ولا يصح؛ لأن الإشارة في الصلاة جائزةٌ، ففي 

حال الخُطبة أولى .اهـ

وبقيته تقدم فيما قبله  .


*********************
ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﻳَﺰِﻳﺪَ اﻟْﺨِﻄْﻤِﻲِّ اﻷَﻧْﺼَﺎﺭِﻱِّ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻗَﺎﻝَ:

 ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻲ اﻟْﺒَﺮَاءُ - ﻭَﻫُﻮَ ﻏَﻴْﺮُ ﻛَذُﻭﺏٍ - ﻗَﺎﻝَ: (ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻﻠﻰ 

اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺇﺫَا ﻗَﺎﻝَ: ﺳَﻤِﻊَ اﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﻤِﺪَﻩُ: ﻟَﻢْ ﻳَﺤْﻦِ



ﺃَﺣَﺪٌ ﻣِﻨَّﺎ ﻇَﻬْﺮَﻩُ ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﻘَﻊَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - 

ﺳَﺎﺟِﺪًا , ﺛُﻢَّ ﻧَﻘَﻊُ ﺳُﺠُﻮﺩًا ﺑَﻌْﺪَﻩُ) .


**********************
البراء بن عازب /صحابي  ابنُ  صحابي رضي اللهُ عنهما .

الحديث من طريق أبي إسحاق السبيعي ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﻳَﺰِﻳﺪَ 

اﻟْﺨِﻄْﻤِﻲِّ اﻷَﻧْﺼَﺎﺭِﻱِّ  به .

(ﻭَﻫُﻮَ ﻏَﻴْﺮُ ﻛَﺬُﻭﺏٍ )

قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : قَالَ يَحْيَى بْنُ 

مَعِينٍ الْقَائِلُ وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ وَمُرَادُهُ أَنَّ عَبْدَ 

اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ غَيْرُ كَذُوبٍ  .

وليس المراد أن الْبَرَاءَ غَيْرُ كَذُوبٍ لِأَنَّ الْبَرَاءَ صَحَابِيٌّ لَا يَحْتَاجُ 

إِلَى تَزْكِيَةٍ وَلَا يَحْسُنُ فِيهِ هَذَا القول .

وهذا الذي قاله ابن مَعِينٍ خَطَأٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ الْقَائِلَ

 وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَمُرَادُهُ أَنَّ الْبَرَاءَ غَيْرُ

 كَذُوبٍ وَمَعْنَاهُ تَقْوِيَةُ الْحَدِيثِ وَتَفْخِيمُهُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَمْكِينِهِ مِنَ 

النَّفْسِ لَا التَّزْكِيَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي مشكوك فيه .

 ونظيره قولُ ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى 

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

مِثْلَهُ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ 

الْأَمِينُ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ  .

فَمَعْنَى الْكَلَامِ : حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ كَمَا عَلِمْتُمْ فَثِقُوا 

بِمَا أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ قالوا وقول بن مَعِينٍ أَنَّ الْبَرَاءَ صَحَابِيٌّ

فَيُنَزَّهُ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ صَحَابِيٌّ 

أَيْضًا مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ  .

-وهذا الحديث دليل على أن المأموم لايسجد حتى يسجد الإمام 

فلا يَشْرعُ المأمومُ في السجود والإمام  ما قد سجد .

وهذا البابُ  في  آداب صلاة الجماعة  .

و قد ذكر الإمامُ المقدسي رحمه الله جملةً من اﻷدلة في متابعة 

الإمام وعدم مسابقته وأن أفعال المأموم تكون بعد أفعال

 الإمام  فلايسابق الإمام في الشروع  في الرفع أو الهوي  بل 

يكونُ  بعده  . والله تعالى أعلم .


قرأنا أربعةَ أحاديث .ولله الحمد .