جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 2 أغسطس 2015

دار الدنيا سبيلُ سفر ودارُكَدَر

                                 
                                   بسم الله الرحمن الرحيم
دار الدنيا سبيل سفر وداركَدَر ودارهموم وأحزان لا يسلم منه أحد ولهذا أهل الجنة يقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) .
وكان والدي الشيخ مقبل رحمه الله يقول :الدنيا ليس فيها راحة .
ذَكَر لي هذا لأحذرَ من فتنةِ الدنيا وزهرتها ولترويض النفس على تحمُّل النوائب فيها لأنها ليست دار راحة.
 الحُزْن: ضد السرور.
الحزن ابتلاء من الله ولهذا كان من مكفرات الذنوب أخرج البخاري(5641) ومسلم  (2573)واللفظ للبخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» .
الحزن مِن أحبِّ ما يكون إلى إبليس قال تعالى (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) .
وينبغي أن نحرص على إغاظة العدو لأن إغاظة العدو قربة يحبهاالله فقد قال تعالى (وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) .
وليس هناك أي دليل في الحث على الحزن لأنه من المصائب والابتلاءات ولكن نجد النهي عنه قال تعالى (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا). وقال {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} (لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ) .وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستعيذبالله منه فيقول : اللهم إني أعوذبك من الهم والحزن .
يقول ابن القيم في مدارج السالكين : الحزن ليس بمطلوب ولا مقصود ولا فيه فائدة وَلَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْقَلْبِ.
وقال : إنه مضعف للقلب عن السير مُقَتِّر للعزم اهـ المراد .
ليس بمطلوب ولامقصود .أي ليس بمقصود ينبغي طلبه .
فالحُزن يفوِّت الخيرَ ويضيق الصدر ويجلب الضرر ويأتي بالتوتُّرويجد الشيطان مدخلا من خلاله والمعصوم من عصم الله .
وقد نُهي عن تناجي اثنين دون الثالث لئلا يسبب له الحُزن فيعين على أخيه الشيطان لأنه كما تقدم الحزن يحبه الشيطان ويفرح به . أخرج مسلم  (2184)عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الْآخَرِ، حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ» .
وقد نبَّه ابن القيم في مدارج السالكين (1/500)أنَّ قوله تعالى{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَنْ لَا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: 92] نبه أنهم لم  يُمْدَحُوا عَلَى نَفْسِ الْحَزَنِ، وَإِنَّمَا مُدِحُوا عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَزَنُ مِنْ قُوَّةِ إِيمَانِهِمْ، حَيْثُ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَجْزِهِمْ عَنِ النَّفَقَةِ، فَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِالْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ لَمْ يَحْزَنُوا عَلَى تَخَلُّفِهِمْ، بَلْ غَبَطُوا نُفُوسَهُمْ بِهِ اهـ
أسباب الحزن كثيرة كالمرض والموت والمشاكل وفراق الأحبة والحزن على فوات الخير والحزن على الأولاد وأيضا منهم .وقد روى الطبراني  (24/241)  عن خولة بنت حكيم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:الْوَلَدُ مَحْزَنَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ مَبْخَلَةٌ  .والحديث صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (1990) .
وابتلى الله يعقوب بالحزن على ولده يوسف وأخي يوسف  (وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) .
الحزن اضطراري وليس باختياري فيُدفَع ما أمْكن ويُعالَجُ إن شاء الله بالقرآن الكريم لأنه شفاء وبالإيمان بالقدر والدعاء والتغاضي والمجاهدة  حتى يفرج الله أو يلقى الإنسانُ ربَّه ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً.

والله أعلم .أختكم الوادعية 16/10/1436.