جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 22 أغسطس 2019

(38)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله



                           من سياسة المريض 

ابتُليتِ امرأة بمرضٍ خطير غالبًا يكون بسببه الموت،وهو مرض السرطان  فأخبرها قريبُها بذلك.

فقال والدي:أخطأ حيث أخبرها،قد يزدادُ مرضُها.


قلت:ولهذا من سياسة الأطباء الحُكماء أنهم لا يُخبرون المريض بذلك،وإنما يخبرون قريبه ومن يتولى شؤونه،لأن معنويتَه قد تضعُف وتنهار،فيزادد به المرض ويصير في حالة سيئة أشد وأكثر.

ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ».رواه أبوداود(3855)عن أسامة بن شريك رضي الله عنه.
ففي هذا الحديث تنفيس على المريض ورفع معنوياته،وألا ييأس من شفائه،مهما كان مرضه فالله سبحانه « لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً..».

ولكن قد تأتي حالة لا يُستطاع إخفاءُ نوع المرض عن المريض.

وفي هذا مثال واقعي ،وهو مرض والدي رحمه الله بعد أن تبينت الفحوصات وكشفت عن مرض وفاته،لم يستطع رفقاؤه في السفر الكتمان عنه،وقالوا إلا الشيخ لا نستطيع الإخفاء عنه،وأيضًا يختلف المرضى في الاهتمام بمعرفة مرضهم،وقد كان والدي منتظرًا للخبر،ويسأل بحرص شديد.فلم يكن هناك بُدٌّ من إخباره.

وكان ماذا بعد إخباره؟

كان موقفه الثبات والإيمان بالقدر وعدم اليأس من رحمة الله،والحرص على الدعوة إلى الله ،وشرح دعوة أهل السنة -لأن كثيرًا من الناس يجهلون فضلها وأنها دعوة رحمة ولين بسبب المنفِّرين عنها-،وتعليم الناس والإجابة عن أسئلتهم.

حتى إنني كنت أسأله في الهاتف عن صحته

فيقول:الحمد لله بخير،لا أُحصي ثناءً على الله.

ومن هنا نستنج من هذه المسألة:

أن الأمر يحتاج إلى سياسة لأنه  يختلف الحال من مريضٍ إلى آخر.

فمن كان عنده قوة إيمان،ويزيده معرفة مرضِه اهتمامًا بطرْقِ أبواب العلاج من دعاءٍ ،وحسن تداوي،ورجوعٍ إلى الله،ومبادرة إلى بعض أعماله المهمة من تتمة بحوث إذا أمكنه..فهذا لا يُكتم عنه مرضُه.

ومن كان إذا عَرَف نوع مرضه -وأنه يُسبِّب الموت لكثير- يتحطَّم  ويُصاب بالكآبة واليأس والضعف والانهيار فهذا يُفضَّل كتمان حالة مرضه.

ونسأل الله العافية والثبات.


توقيت الساعة 


كان توقيت الساعة عندنا بالتوقيت الغروبي ،وليس التوقيت الزوالي بأمرٍ من والدي الشيخ مقبل رحمه الله.

وكان ينكر التوقيت الزوالي.

وقد بوَّب والدي في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين»على حديث جابر برقم(3797)توقيت الساعة يكون على الغروب.
ثم ذكر حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ - يُرِيدُ - سَاعَةً، لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا، إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ»رواه أبوداود(1048).   

قلت:وهذا قول الشيخ الألباني رحمه الله فقد سُئِل رحمه الله:

متى الساعة الأولى بالنسبة لدخول المسجد يوم الجمعة؟

الشيخ: الساعة الواحدة في التوقيت العربي الذي أصبح مع الأسف نسيًا منسيًّا في أكثر البلاد العربية.

 وإن مما يسرني ويدخل الفرح والسرور في قلبي أن أرى هذه الظاهرة واضحة في هذه البلاد فنجد ساعتين في بعض المساجد إحداها عربية والأخرى غربية، التوقيت العربي الساعة الثانية عشر تكون بغروب الشمس، بينما في التوقيت الكافر تكون هذه الساعة اثنا عشر في وقت الزوال، فالساعة الأولى يوم الجمعة تبدأ في الساعة الواحدة.

وهنا يمكن أن يفهم الحديث:«من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة» إلى آخر الحديث، أما في التوقيت الإفرنجي فمع الأسف لا يمكن،[وهذا] من شؤم تقليد المسلمين للكافرين في حياتهم، نعم.

[المرجع رحلة النور.كما في «جامع تراث فقه الإمام الألباني»(6/174)].


قلت:رحم الله والدي ورحم شيخ شيخي الشيخ الألباني وغفر لهما على هذا التقرير الذي صار أغلب الناس ومعظمهم على خلافه،بل صاروا يجهلونه ولا يعرفونه،ونسأل الله أن يصلح الأحوال.