جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 25 أغسطس 2016

(60)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله


  فسخ الحج إلى العمرة  لمن  لم يسق الهدي واجب؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله  وَسَلَّمَ قال في حديث حجة الوداع الطويل:«لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» ، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى، وَقَالَ: «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ» مَرَّتَيْنِ «لَا بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ» .(رواه مسلم (1218)عن جابر بن عبدالله ) .
وقال  رحمه الله في جواب آخر: الصحيح وجوب التحلل لمن لم يسق الهدي وهو قول ابن القيم وابن حزم والشوكاني، وهو قول ابن عباس.
والإمام أحمد يرى جواز الفسخ.
والجمهور يرون أنه لا يجوز الفسخ.
هذا ما كتبته عن والدي رحمه الله في هذه المسألة .

وينظر تبويب والدي رحمه الله  لهذه المسألة في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين» حديث (1368).

--------------------------------

قلت: صورة فسخ الحج إلى العمرة : أن يحرِمَ بحجٍّ مفرد ، أو يحرم بحجة وعمرة معًا ولم يسق الهدي ثم يتحلَّلُ  بعمرة .
وقد ذهب بعض العلماء إلى وجوبه لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم به  في جملة من الأحاديث كحديث جابر المتقدم .
وروى ابن ماجة في «سننه» (2982)عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَأَحْرَمْنَا بِالْحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ: «اجْعَلُوا حِجَّتَكُمْ، عُمْرَةً» فَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَحْرَمْنَا بِالْحَجِّ، فَكَيْفَ نَجْعَلُهَا عُمْرَةً؟ قَالَ: «انْظُرُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ، فَافْعَلُوا» فَرَدُّوا عَلَيْهِ الْقَوْلَ، فَغَضِبَ فَانْطَلَقَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ غَضْبَانَ، فَرَأَتِ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَتْ: مَنْ أَغْضَبَكَ؟ أَغْضَبَهُ اللَّهُ قَالَ: «وَمَا لِي لَا أَغْضَبُ، وَأَنَا آمُرُ أَمْرًا، فَلَا أُتْبَعُ».والحديث صحيح وهو في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (144)لوالدي رحمه الله .

قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (2/170) بعد أن ذكر هذا الحديث :وَنَحْنُ نُشْهِدُ اللَّهَ عَلَيْنَا أَنَّا لَوْ أَحْرَمْنَا بِحَجٍّ لَرَأَيْنَا فَرْضًا عَلَيْنَا فَسْخَهُ إِلَى عُمْرَةٍ تَفَادِيًا مِنْ غَضَبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّبَاعًا لِأَمْرِهِ. فَوَاللَّهِ مَا نُسِخَ هَذَا فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَهُ، وَلَا صَحَّ حَرْفٌ وَاحِدٌ يُعَارِضُهُ، وَلَا خَصَّ بِهِ أَصْحَابَهُ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ، بَلْ أَجْرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى لِسَانِ سراقة أَنْ يَسْأَلَهُ: هَلْ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِهِمْ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ لِأَبَدِ الْأَبَدِ، فَمَا نَدْرِي مَا نُقَدِّمُ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَهَذَا الْأَمْرُ الْمُؤَكَّدُ الَّذِي غَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ خَالَفَهُ.
وَلِلَّهِ دَرُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِذْ يَقُولُ لسلمة بن شبيب، وَقَدْ قَالَ لَهُ: يَا أبا عبد الله كُلُّ أَمْرِكَ عِنْدِي حَسَنٌ إِلَّا خَلَّةً وَاحِدَةً، قَالَ وَمَا هِيَ؟ قَالَ: تَقُولُ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ. فَقَالَ: يَا سلمة! كُنْتُ أَرَى لَكَ عَقْلًا، عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا صِحَاحًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَأَتْرُكُهَا لِقَوْلِكَ؟ ! .اهـ.

وهذا قول والدي كما سبق ، وهو قول الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود/ الأم »(6/ص30).

   وقال شيخ الإسلام كما في «مجموع الفتاوى» (26/280): مذهب ابن عباس وأصحابه وكثير من الظاهرية، والشيعة يرون أن الفسخ واجب وأنه ليس لأحد أن يحج إلا متمتعا .اهـ.

وجمهور العلماء على منع فسخ الحج إلى العمرة  ، وقالوا إن هذا خاص بالصحابة ولكن الأصل عدم الخصوصية .
  

          وقد استوفى المسألة ابن القيم  رحمه الله في «زاد المعاد» وناقش حجج الجمهور والمخالفين فليراجع 

للاستفادة.