جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 6 يناير 2025

(125)سلسلة المسائل النسائية

 

هل يدخل النساء في الثناء على ملازمة الجماعة في المساجد؟

قال تَعَالَى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (36) رِجالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (38)﴾[النور].

 

إليكم كلام الحافظ ابن كثير من تفسير سورة النور:

أَمَّا النِّسَاءُ فَصَلَاتُهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ أَفْضَلُ لَهُنَّ؛ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا».

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ، حَدَّثَنِي عَمْرٌو، عَنْ أَبِي السَّمْحِ، عَنِ السَّائِبِ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ»([1]).

 وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا هَارُونُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُوَيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ. قَالَ «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي».

 قَالَ: فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى بَيْتٍ مِن بُيُوتِهَا وَأَظلَمِهِ، فَكَانَت وَاللهِ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتِ اللهَ تَعَالَى، لَمْ يُخْرِجُوهُ ([2]).

هَذَا وَيَجُوزُ لَهَا شُهُودُ جَمَاعَةِ الرِّجَالِ، بِشَرْطِ أَنْ لَا تُؤْذِيَ أَحَدًا مِنَ الرِّجَالِ بِظُهُورِ زِينَةٍ وَلَا رِيحِ طِيبٍ، ثم ذكر بعض الأدلة في ذلك.

وقد استنبط منه الشنقيطي في «أضواء البيان »(5/540): أن المرأة لا يجب عليها الخروج لصلاة الجماعة في المساجد؛ لقوله تَعَالَى: ﴿ رِجَالٌ﴾، وهذا نص كلامه:

اعْلَمْ أَنَّ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ بَيَّنَتْ مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: ﴿ رِجَالٌ﴾، فَبَيَّنَتْ أَنَّ الْمَفْهُومَ الْمَذْكُورَ مُعْتَبَرٌ، وَأَنَّ النِّسَاءَ لَسْنَ كَالرِّجَالِ فِي حُكْمِ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَأَوْضَحَتْ أَنَّ صَلَاتَهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ أَفْضَلُ لَهُنَّ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَالصَّلَاةِ فِيهَا فِي الْجَمَاعَةِ، بِخِلَافِ الرِّجَالِ.

ونستفيد: أن النساء لا يدخلن في هذا الثناء، وفي الحث على عمارة المساجد بالذكر والصلاة والعبادة؛ لأنه وُجد من الأدلة ما يخصِّص، وإلا الأصل عموم التشريع، هذا من حيث الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها، بل كلما كان المكان أستر لها كانت الصلاة فيه أفضل، وأما شهود المرأة المسجد فهذا جائز، مع التزامها بآداب الخروج وأمن الفتنة.

[مقتطف من دروس سورة النور لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 



([1]) رشدين بن سعد ضعيف، وأبو السمح دراج ضعيف أيضًا، والحديث في الشواهد.

([2]) رواه أحمد(45/38). وعبد الله بنُ سويد الأنصاري مجهول عين. والحديث في الشواهد.