جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 11 نوفمبر 2024

(137)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

 

                              دار الجنة دار الكرامة

قال تَعَالَى في شأن الرجل الصالح الذي يحث قومه على اتباع الرسل الذين جاؤوا إليهم: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)[يس].

وقد خاطب الرسل في قوله: ﴿ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) على قولٍ.

قال الإمام ابن جرير في «تفسيره»(19/423):  قَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ هَذَا الْقَوْلَ هَذَا الْمُؤْمِنُ لِقَوْمِهِ؛ يُعْلِمُهُمْ إِيمَانَهُ بِاللَّهِ.

وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ خَاطَبَ بِذَلِكَ الرُّسُلَ، وَقَالَ لَهُمُ: اسْمَعُوا قُولِي؛ لِتَشْهَدُوا لِي -بِمَا أَقُولُ لَكُمْ- عِنْدَ رَبِّي، وَأَنِّي قَدْ آمَنْتُ بِكُمْ وَاتَّبَعْتُكُمْ؛ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ هَذَا الْقَوْلَ، وَنَصَحَ لِقَوْمِهِ النَّصِيحَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَثَبُوا بِهِ فَقَتَلُوهُ.

وقد رجح الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية رقم(25) من تفسير سورة يس هذا القول الثاني، وقال: وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي حَكَاهُ هَؤُلَاءِ أَظْهَرُ فِي الْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وقال ابن كثير رَحِمَهُ الله في قوله: ﴿ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)﴾[يس]: وَمَقْصُودُهُ أَنَّهُمْ لَوِ اطَّلَعُوا عَلَى مَا حَصَلَ مِنْ هَذَا الثَّوَابِ وَالْجَزَاءِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، لَقَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَى اتِّبَاعِ الرُّسُلِ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ، فَلَقَدْ كَانَ حَرِيصًا عَلَى هِدَايَةِ قَوْمِهِ.

اللهم إنا نسألك أن تُكرمَنا بدار كرامتك، وأن تُحلنا دار المُقامة والسعادة.