جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2023

(41)الآداب

 

 من أدب الاستئذان

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ، وَيَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ»؛ وَذَلِكَ أَنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَوْمئِذٍ سُتُورٌ، تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ.

هذا الحديث حسن، وبقية بن الوليد يدلس تدليس التسوية، وصرح بالتحديث من شيخه، ولم يصرح بالتحديث من شيخ شيخه، ولكنه قد صرح بالتحديث من شيخ شيخه عند أحمد.

وهذا من الآداب ألَّا يقف المستأذن على أهل المنزل أمام الباب، ولكن يجعله عن يمينه أو يساره، وقد كانت دورهم ليس عليها ستور؛ ولهذا أمر الله الصبيان والخدم بالاستئذان في ثلاثة أوقات، فقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)} [النور:58].

وقد بوب الخطيب في « الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع»(220) لهذه المسألة: (كيفية الوقوف على باب المحدث للاستئذان).

 ثم قال: وَإِنْ كَانَ الْبَابُ مَرْدُودًا فَلَهُ أَنْ يَقِفَ حَيْثُ شَاءَ مِنْهُ وَيَسْتَأْذِنَ.

وقال الحافظ ابن كثير في تفسير  سورة النور رقم الآية(27): ثُمَّ لِيُعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُسْتَأْذِنِ عَلَى أَهْلِ المَنزِلِ أَلَّا يَقِفَ تِلْقَاءَ الْبَابِ بِوَجْهِهِ، وَلَكِنْ لِيَكُنِ الْبَابُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ. ثم ذكر هذا الحديث.

وقال القاري في «مرقاة المفاتيح »(7/2961) في شرح الحديث: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ هُنَاكَ بَابٌ أَوْ سِتْرٌ يَحْصُلُ بِهِ حِجَابٌ فَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِقْبَالِ.

 لَكِنَّ الِانْحِرَافَ أَوْلَى؛ مُرَاعَاةً لِأَصْلِ السُّنَّةَ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْصُلُ بَعْضُ الِانْكِشَافِ عِنْدَ فَتْحِ الْبَابِ أَوْ رَفْعِ الْحِجَابِ، كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى أَرْبَابِ الْأَلْبَابِ.

قلت: وهذا كلام جميل، وأدب نبيل أن الأَولى للمستأذن ألَّا يقف أمام الباب حتى لو كان يوجد ستر؛ حتى لا يظهر شيء من الداخل عند فتحه.