عن قطبة بن مالك كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ: «اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ، وَالْأَهْوَاءِ، وَالْأَدْوَاءِ».
رواه الترمذي (3591) وابن أبي عاصم في «السنة» (13)، والحاكم في «المستدرك»(1949)، والطبراني في «المعجم الكبير» (19/19)، وذكره والدي رحمه الله في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (1084).
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالْأدْوَاءِ) يشمل الدَّاءين: الحسِّي والمعنوي.
فالمرض قسمان:
مرض معنوي، ومرض حسي.
المرض المعنوي: كالعقيدة الشركية، والعداوة والبغضاء والبغي والرياء والعجب والغرور والجهل والنفاق ومرض الشهوة، وسائر أمراض القلب، قال تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [البقرة:10]. أي: شك ونفاق.
وقال سبحانه: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ [الأحزاب:32]. أي: مرض شهوة.
وكالبخل. النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ؟» أي: أيُّ مرض أشد من البخل. أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (296) وهو في «الصحيح المسند» (1/112) لوالدي رَحِمَهُ اللَّهُ.
ومن الأمراض المعنوية: محبة الفتن والاندفاع إليها. نسأل الله العافية.
الثاني: المرض الحسي: وهو مرض الجسم، وأهل العلم يعدُّون المرض المعنوي أشد من المرض الحسي؛ لأن المرض المعنوي يتعلق بالدين فيضعِفه، وقد يُخذَل تخذله ذنوبه في وقت أحوج ما يكون إلى النجاة، فالذنوب هلكة، وإذا تراكمت قد تؤدي إلى الردة وقد قيل: الْمَعَاصِي بَرِيدُ الْكُفْرِ، بخلاف المرض الحسي، وهو مرض البدن قد يجد له شفاءً، وقد يكون غاية ما في الأمر الموت.
فعلينا أن نعتني بهذا الدعاء العظيم؛ ففيه خير الدنيا والآخرة، وفيه طلب العافية التي هي من أول ما يطلبها كل إنسان.
والْمَرَضُ: هو الخروج عن الاعتدال الخاصّ بالإنسان كما في «المفردات في غريب القرآن» (765) للراغب.