الحث على الاستغفار لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
قال الله سبحانه: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) ﴾ [محمد: 19].
في هذه الآية: الحث على استغفار العبد لنفسه ولِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ.
فينبغي الاستكثار من ذلك، فإذا قلنا: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الملك يقول: ولك بمثل، كما في الحديث الذي رواه مسلم (2732) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ».
ونرجو من الله أن يقيض لمن يستغفر لإخوانه المؤمنين والمؤمنات مَنْ يستغفر له في حياته وبعد مماته، وكم يعود من المنفعة لمن يستغفر للمؤمنين! منفعة عظيمة والجزاء من جنس العمل، فهذا قد يقيض الله له من يدعو له.
وهكذا الذي يدعو لأبَوَيْهِ ويستغفر لهما قد يقيض الله له أولادًا بارين، لا ينسونه من الدعاء وخاصة بعد وفاته، النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ» رواه الإمام أحمد (16/356) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وهو في «الصحيح المسند» (1389) لوالدي رَحِمَهُ الله.
«أَنَّى» اسم استفهام، أي: كيف لي هذا؟
«بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ» لم ينسَه ولدُهُ، كشأن بعض الأولاد ينسون آباءهم من البر بعد وفاتهم.
وأصدق البر بالأبوين برهما بعد وفاتهما؛ لأنهما لا يريان ولا يطلعان على بر ولدهما.