جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 27 أكتوبر 2021

(5)من أحكام النكاح وآدابه

التَّحرِّي في الاختيار من كلا الطرفين

 

قال والدي الشيخ مقبل رحمه الله:

 المرأة تتأثر بزوجها، وإذا كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في «الصحيحين» من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: «مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا منتنة».

ويقول الرَّسُولُ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ».

 فما ظنك بالزوجين؟

 ربما تكون المرأة صالحة ويفسدها الرجل، وربما تكون المرأة فاسدة والرجل صالح وتفسِدُ الرجل. وقد ذكرنا لإخواننا أن عِمران بن حِطان تزوج بابنة عمه، وكانت على مذهب القَعدِية -أي: طائفة من الخوارج -، فأراد أن يردها، فتأثر بها، فبعد أن كان سُنيًّا أصبح خارجيًّا. وحتى إنه قال في ابن ملجم الذي قتل علي بن أبي طالب يقول:

يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا. .إِلَّا لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ رِضْوَانًا

 إِنِّي لَأَذْكُرُهُ يَوْمًا فَأَحْسِبُهُ .. أَوْفَى الْبَرِيَّةِ عِنْدَ اللَّهِ مِيزَانًا

وإن كان قد رد عليه أهل العلم نظمًا ونثرًا، كما ذكره الشنقيطي رحمه الله تعالى عند تفسير قول الله عزوجل: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا﴾ [الإسراء:33]، فالمرأة تتأثر بزوجها، والزوج ربما يتأثر بامرأته.

وقال رَحِمَهُ الله في سياق نصيحته للمرأة: تحتاج أيضًا إلى تنازل من قبل الفتيات، ينبغي أن تتنازل لله عز وجل، ما تقول: أنا بنت الشيخ فلان، وهذا رجل أنا ما أتزوج به ليس بكفء، الكفاءة في الدين يا أمة الله، الكفاءة في الدين، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يقول: «يَا بَنِي بَيَاضَةَ أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ، وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِ».

والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وهي قرشية فهرية: «انْكِحِي أُسَامَةَ»، وأسامة كان مولى، فماذا يا إخواننا؟ لابد من تعاون، ولابد من تنازل.

والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  يقول كما في «الصحيحين» من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلجَمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ».

فهكذا ينبغي للمرأة أن تحرص على ذي الدِّين، ولو خطبته هي نفسها؛ لأن الرجل الفاسق الخمار، وهكذا الرجل الذي لا خير فيه ربما أنه إذا لم يحبها آذاها، وإن أحبَّها ربما أيضًا كذلك، المهم ليس بمأمون، الذي ليس بمأمون على دينه فلا تأمنه على ابنتك، ولاتأمنيه على نفسك، والله المستعان.

[ش/ نصيحتي لمن تاب من المكارمة لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله]