جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 22 أغسطس 2021

(77)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

 بسم الله الرحمن الرحيم

[سورة الحج (22) : آية 38]

﴿إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)﴾

قرأ بعضهم: إن الله يدفع، وهذه القراءة تفسِّر ﴿ يُدافِعُ ﴾. قال ابن كثير: يُخبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَدفَعُ عَن عِبَادِهِ الَّذِينَ تَوَكَّلُوا عَلَيهِ وَأَنَابُوا إِلَيهِ شَرَّ الأَشرَارِ وَكَيدَ الفُجَّارِ وَيَحفَظُهُم وَيَكلَؤُهُم وَيَنصُرُهُم.

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ قال ابن كثير : أَي لَا يُحِبُّ مِن عِبَادِهِ مَنِ اتَّصَفَ بِهَذَا، وَهُوَ الخِيَانةُ فِي العُهُودِ وَالمَوَاثِيقِ لَا يَفِي بِمَا قَالَ، وَالكُفرُ الجَحدُ للنعم، فلا يعترف بها.

﴿خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ من صيغ المبالغة ﴿خَوَّانٍ﴾ على وزن فَعَّال، و﴿كَفُورٍ﴾ على وزن فعول، وصيغ المبالغة تدل على التكرار، وهذا لا مفهوم له في هذه الآية، فالخائن لا يحبه الله، وكذلك كافر النعم.

 من فوائد هذه الآية:

 -فضل الإيمان.

 -أن أهل الإيمان يدفع الله عنهم الشر والسوء، ويحفظهم من الشبهات والشهوات، ويدفع عنهم شر الأعداء من شياطين الإنس والجن، ويدفع عنهم المكاره، قال سبحانه:﴿ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَينَا نُنجِ المُؤمِنِينَ (103)﴾ [يونس:103 ]، وفي الحديث القدسي عَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَن عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَد آذَنتُهُ بِالحَربِ» انفرد به البخاري (6502).

وهذه سنة الله أنه يدافع عن عباده المؤمنين، ومنه مدافعته سبحانه عنهم ونصره لهم عند مواجهة الأعداء، وإن حصل شيء من الضيق يفرج الله سبحانه وتعالى برفعه أو تخفيفه، وهذا من ثمار الإيمان بالله، وعلى حسب إيمان المؤمن وقوته يدافع الله عنه، وقد دل على هذا اسم الله الحفيظ والحافظ، قال الله: ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيءٍ حَفِيظٌ﴾[هود]، وقال: ﴿فَاللَّهُ خَيرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) ﴾[يوسف:64 ].

-أن الله لا يحب أهل الخيانة وكافري النعم. والخيانة تشمل الخيانة في الدين بترك الواجبات وفعل المحرمات، فالدين يحتاج إلى أمانة، ويشمل الخيانة أيضًا الخيانة في الحقوق، فالخيانة بابها واسع. وقد مدح الله المرأة التي لا تخون زوجها، قال سبحانه:﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلغَيبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾[النساء] تحفظ نفسها إذا غاب زوجها، تحفظ ماله.

وهكذا كفر النعمة من المعاصي، فيجب على المؤمن والمؤمنة شكر النعم، قال سبحانه: ﴿ وَاشكُرُوا نِعمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُم إِيَّاهُ تَعبُدُونَ (114)﴾[النحل:114]، ويجب القيام بشكر الله، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَاشكُرُوا لِي وَلَا تَكفُرُونِ (152)﴾[البقرة:152]، وشكر المحسن على إحسانه إذا بذل معروفًا، أو أفاد فائدة، أو قدم مساعدة، من الإيمان ومن المعروف شكره يقول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَشكُرُ اللَّهَ مَن لَا يَشكُرُ النَّاسَ» رواه أبو داود (4811) عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، وهو في «الصحيح المسند» (1330) لوالدي رَحِمَهُ الله.

 ومن هذا أيضًا الشكر بين الزوجين، المرأة تشكر زوجها على ما يقوم به من النفقة والإحسان، والرجل يشكر امرأته على خِدمتها والقيام بواجبِه عليها وحُسن رعايتها في بيتِها وتربية أولادها، وهذا من الحقوق الزوجية.

-نستفيد من مفهوم هذه الآية: أن الله يحب الأمين الشكور.

-وفي الآية تعليل لمدافعة الله عن عباده المؤمنين أنه يحبهم ويبغض أعداءَهم.

 

[سورة الحج (22) : الآيات 39 الى 40]

﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُم ظُلِمُوا ﴾ إلى قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)﴾

﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُم ظُلِمُوا﴾ يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: ( وَاستَدَلَّ بِهَذِهِ الآيَةِ بَعضُهُم عَلَى أَنَّ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ)؛ لأن القتال لم يشرع إلا في المدينة، والذي جزم به ابن القيم في «زاد المعاد»(3/64) غير هذا القول أن سورة الحج مدنية، وقال: وَسِيَاقُ السُّورَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِيهَا المَكِّيَّ وَالمَدَنِيَّ، فَإِنَّ قِصَّةَ إِلقَاءِ الشَّيطَانِ فِي أُمنِيِّةِ الرَّسُولِ مَكِّيَّةٌ، وَاللَّهُ أَعلَمُ. اهـ.

يشير إلى قوله سبحانه: ﴿ وَمَا أَرسَلنَا مِن قَبلِكَ مِن رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلقَى الشَّيطَانُ فِي أُمنِيَّتِهِ﴾[الحج:52 ]، هذه الآية مكية؛ لأن إلقاء الشيطان في أمنية الرسول صلى الله عليه وسلم أي: في قراءته كان بمكة، ولذلك ثبت عَن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ سُورَةَ النَّجمِ، فَسَجَدَ بِهَا فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ القَومِ إِلَّا سَجَدَ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ كَفًّا مِن حَصًى - أَو تُرَابٍ - فَرَفَعَهُ إِلَى وَجهِهِ، وَقَالَ: يَكفِينِي هَذَا»، قَالَ عَبدُ اللَّهِ: فَلَقَد رَأَيتُهُ بَعدُ قُتِلَ كَافِرًا. رواه البخاري (1070).

وهذا على المشهور في أن المراد بإلقاء الشيطان شيئًا في قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم في مدح آلهة المشركين، ولكن هذا باطل معتمد على قصة الغرانيق، والقصة لم تثبت، وفي سجود المشركين في سورة النجم  أجوبة لأهل العلم، منها: أن المشركين ظنوا أن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم مدح آلهتهم في قوله: ﴿ أَفَرَأَيتُمُ اللَّاتَ وَالعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخرَى (20)﴾[النجم:19 -20 ]، من باب حبك الشيء يعمي ويصم، فتوهَّموا المدح لآلهتهم، والله أعلم.

وقد قيل: إن الإذن  بقتال الكفار كان بمكة، وهذا غلَّطه ابن القيم رَحِمَهُ الله في «زاد المعاد» (1/ 63) من وجوه ذكرها، ومنها: أَنَّ اللَّهَ لَم يَأذَن بِمَكَّةَ لَهُم فِي القِتَالِ، وَلَا كَانَ لَهُم شَوكَةٌ يَتَمَكَّنُونَ بِهَا مِنَ القِتَالِ بِمَكَّةَ. الخ.

وقال ابن كثير: وَإِنَّمَا شَرَعَ تَعَالَى الجِهَادَ فِي الوَقتِ الأَليَقِ بِهِ؛ لِأَنَّهُم لَمَّا كَانُوا بِمَكَّةَ كَانَ المُشرِكُونَ أَكثَرَ عَدَدًا فَلَو أَمَرَ المُسلِمِينَ وَهُم أَقَلُّ مِنَ العُشرِ بِقِتَالِ البَاقِينَ لَشَقَّ عَلَيهِم.

 سبب نزول هذه الآية: عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا: لَمَّا أُخرِجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِن مَكَّةَ قَالَ أَبُو بَكرٍ: أَخرَجُوا نَبِيَّهُم إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ لَيُهلَكُنَّ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَأَنزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُم ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصرِهِم لَقَدِيرٌ﴾ قال أَبُو بَكرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ: فَعَرَفتُ أنه سيكون قتال.

والحديث قال عنه ابن القيم في «زاد المعاد» (3 / 64): وَإِسنَادُهُ عَلَى شَرطِ «الصَّحِيحَينِ». اهـ. وصححه الألباني رَحِمَهُ الله.

 ﴿وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصرِهِم لَقَدِيرٌ﴾ قال ابن كثير: أَي هُوَ قَادِرٌ عَلَى نَصرِ عِبَادِهِ المُؤمِنِينَ مِن غَيرِ قِتَالٍ، وَلَكِن هُوَ يُرِيدُ مِن عِبَادِهِ أَن يبذلوا جَهدَهُم فِي طَاعَتِهِ.

﴿ الَّذِينَ أُخرِجُوا مِن دِيارِهِم بِغَيرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ أَي مَا كَانَ لَهُم إِلَى قَومِهِم إِسَاءَةٌ، وَلَا كَانَ لهم ذنب إلا أنهم وحدوا الله وعبدوه لَا شَرِيكَ لَهُ»، وَهَذَا استِثنَاءٌ مُنقَطِعٌ بِالنِّسبَةِ إِلَى مَا فِي نَفسِ الأَمرِ ، وَأَمَّا عِندَ المشركين فإنه أَكبَرُ الذُّنُوبِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يُخرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُم أَن تُؤمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُم﴾[المُمتَحَنَةِ: 1].

﴿ مِن دِيَارِهِم ﴾ وهي مكة.

﴿وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ﴾ قال ابن كثير رَحِمَهُ الله: أي لولا أنه يدفع بقوم عن قوم، ويكف شرور أُنَاسٍ عَن غَيرِهِم بِمَا يَخلُقُهُ وَيُقَدِّرُهُ مِنَ الأسباب، لفسدت الأرض ولأهلك القَوِيُّ الضَّعِيفَ.

﴿لَهُدِّمَت صَوامِعُ﴾ معابد الرهبان.

﴿وَبِيَعٌ﴾ معابد النصارى.

﴿وَصَلَواتٌ﴾ كنائس اليهود.

﴿ وَمَساجِدُ ﴾ مساجد المسلمين.

هذا الذي ذكره الحافظ ابن جرير، وقال: الصَّوَابُ لَهُدِّمَت صَوَامِعُ الرُّهبَانِ وَبِيَعُ النَّصَارَى وَصَلَوَاتُ اليَهُودِ، وَهِيَ كَنَائِسُهُم، وَمَسَاجِدُ المُسلِمِينَ الَّتِي يُذكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيرًا. وعلل لذلك بقوله: لِأَنَّ هَذَا هُوَ المُستَعمَلُ المَعرُوفُ فِي كَلَامِ العَرَبِ.

﴿يُذكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيراً ﴾ في الضمير قولان:

 أحدهما: أنه يعود إلى جميع الأماكن المذكورة.

والقول الثاني: أنه يعود إلى أقرب مذكور وهي المساجد، فهي التي يذكر اسم الله فيها كثيرًا.

وهذا الثاني قول ابن جرير ، فهو يقول: وَمَسَاجِدُ المُسلِمِينَ الَّتِي يُذكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيرًا.

﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم﴾ [مُحَمَّد].

﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ قال ابن كثير رَحِمَهُ الله: وَصَفَ نَفسَهُ بِالقُوَّةِ وَالعِزَّةِ، فَبِقُوَّتِهِ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقدِيرًا، وَبِعِزَّتِهِ لَا يَقهَرُهُ قَاهِرٌ وَلَا يَغلِبُهُ غَالِبٌ، بَل كُلُّ شَيءٍ ذَلِيلٌ لَدَيهِ فَقِيرٌ إِلَيهِ، وَمَن كَانَ القَوِيُّ العَزِيزُ نَاصِرَهُ فَهُوَ المَنصُورُ وَعَدُوُّهُ هُوَ المَقهُورُ.

 ومن فوائد هاتين الآيتين:

-الإذن للمسلمين بقتال الكفار.

- والإذن في هذه الآية إذن شرعي ديني، وهناك إذن كوني؛ لأن الإذن على نوعين: شرعي ديني، وكوني قدري كقوله تَعَالَى: ﴿ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِن أَحَدٍ إِلَّا بِإِذنِ اللَّهِ﴾ [البقرة:102].

-وقد كان أول جهاد النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين جهاد الدفع، ولم يكن جهاد طلب؛ لأن الجهاد على قسمين:

جهاد الدفع: يدفع من يريد اقتحام البلد والأعراض.

وجهاد طلب: يخرج إلى العدو إلى مكانه.

في غزوة بدر خرج صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية يريد قافلة قريش ولم يكن يريد القتال حتى جمع الله بينه وبين عدوه على غير ميعاد، فوقعت المعركة وهزم المشركون.

وكذا في غزوة أحد في السنة الثالثة جاء المشركون وأرادوا دخول المدينة، فقاتلهم صلى الله عليه وسلم والصحابة.

وفي غزوة الخندق في السنة الرابعة وقيل: في السنة الخامسة جاء المشركون ودافع صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن المدينة وعن أعراضهم، وقد قال لهم النَّبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق حِينَ أَجلَى الأَحزَابَ عَنهُ: «الآنَ نَغزُوهُم وَلا يَغزُونَنَا، نَحنُ نَسِيرُ إِلَيهِم» رواه البخاري (4110) عن سُلَيمَانَ بنِ صُرَدٍ رضي الله عنه.

أي: من بعد غزوة الخندق لا يكون هناك جهاد دفع ويبقى جهاد الطلب، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم فقد وقع كما أخبر.

وجهاد الدفع أشد كما قال ابن القيم رَحِمَهُ الله؛ لأنه كالذي يدفع الصائل، ولهذا يجب القتال وجوبًا عينيًا إذا أراد العدو الهجوم على البلد.

- وفيه ما حصل للنَّبي صلى الله عليه وسلم ولصحابته من الأذى والطرد من ديارهم.

- وفيه التسلية للمؤمن إذا ابتلي وأوذي، وأن يتأسى بمن قبله، ويتأسى بالنَّبي صلى الله عليه وسلم وبصحابته، فقد أوذوا في الله، فمنهم من فرَّ بدينه إلى الحبشة قبل الإذن بالهجرة إلى المدينة، وبعد هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ  إلى المدينة  توافد إليه المهاجرون رضي الله عنهم،  ومنهم من بقي في مكة من المستضعفين.

-ففي الآية ذكر سببين للإذن بالجهاد وهو ما وقع من الظلم والأذى والطرد من الديار، ومن أجل حماية أماكن العبادة إذ لو استولى عليها المشركون لدمروها وهدموها.

- وفيه أن الجهاد كان مشروعًا في الأمم السابقة.

-استدل بهذه الآية ﴿لَهُدِّمَت صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ﴾ من قال بالمنع من هدم الكنائس ومعابد النصارى، وليس في الآية دليل على ذلك؛ لأن المراد في زمن موسى وزمن عيسى عليهما السلام. وهناك فتوى في «فتاوى اللجنة الدائمة» (1 /469)، ونصها: أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية، مثل: الكنائس في بلاد المسلمين وأنه لا يجوز اجتماع قبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام، وألا يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أحدثت في أرض الإسلام. اهـ.

فلا يقال: ﴿ لَكُم دِينُكُم وَلِيَ دِينِ (6) ﴾[الكافرون:6]، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يَجتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ»، وأدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنصبُّ على هذه المعابد التي يعبدون فيها غير الله ويقيمون فيها الشركيات، وهذا من شأن ولي الأمر فهو الذي يقوم بهدمها؛ درءًا للفتنة.

- وفيه الوعد بنصر الله لمن ينصر دينه ويقيم شرعه وهذا وعد الله، والله لا يخلف الميعاد.