جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 15 أغسطس 2021

(34)التَّذْكِيْرُ بِسِيْرَةِ سَيِّدِ البَشَرِ

مِنْ  مسارعته صلى الله عليه وسلم إلى الخير


عَنْ عُقْبَةَ بن الحارث رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ العَصْرَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ: «ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ» رواه البخاري(851).

قوله: «فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي» قال ابن الجوزي رحمه الله في « كشف المشكل»(4/165): أَي: يشغل قلبِي فيمنعه من انطلاقه فِيمَا يُرِيد.

وقال ابن بطال في « شرح صحيح البخاري»(2/463): يعني: في الآخرة.

من فوائد هذا الحديث:

مسارعة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه.

انتهاز الفُرصة وعدم التساهل في فعل الخير، فالموت يأتي فجأة، والصوارف تتوارد.

أن النبي صلى الله عليه وسلم  كان يمكث في مصلاه بعد التسليم ولم يكن ينصرف مباشرة؛ فلهذا استغرب الصحابة من فِعْلِه.

جواز التخطي بعد الصلاة قبل انصراف المصلين للحاجة.

أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ينسى، كما هو من طبيعة البشر.

أن الكبير والمعلم إذا فعل شيئًا يجلب الاستغراب يُخبِر أصحابَه بالسبب؛ وإذا عُلِم السبب بطل العجب.

وفيه كما قال ابن بطال في « شرح صحيح البخاري»(2/463): أن من حبس صدقة للمسلمين من وصية أو زكاة أو غيرها أنه يخاف عليه أن يحبس بها يوم القيامة في الموقف. اهـ.

أن التفكير الطارئ في الصلاة في أمرٍ خيري  أجنبي عن الصلاة لا يؤثِّر في أجر الصلاة. وقد جاءت رواية صريحة في «صحيح البخاري»( 1221) بلفظ: «ذَكَرْتُ وَأَنَا فِي الصَّلاَةِ تِبْرًا عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يُمْسِيَ - أَوْ يَبِيتَ عِنْدَنَا - فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ».

أن المصلي ينبغي له أن ينحِّي عنه كل ما يشغله عن إقباله على ربه.

هذه بعض الفوائد من حديث السيرة النبوية، ونسأل  الله عزوجل أن يرزقنا وإياكم حُسْنَ الاتِّبَاعِ.