جديد الرسائل

الأحد، 6 يونيو 2021

(5)من أحكام الجنائز

 استدعاء أهل الفضل للحضور عند المحتضَر

 

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ، يَدْعُوهُ إِلَى ابْنِهَا فِي المَوْتِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْجِعْ إِلَيْهَا فَأَخْبِرْهَا أَنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ»، فَأَعَادَتِ الرَّسُولَ أَنَّهَا قَدْ أَقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَدُفِعَ الصَّبِيُّ إِلَيْهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنٍّ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ قَالَ: «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» رواه البخاري (7377).

هذا الحديث فيه من الفوائد التي تتعلق بأحكام الجنائز:

استحباب استدعاء أهل الخير والفضل في الحضور عند المحتضر والقسم عليهم بالحضور، فلعل المحتضَر ينال دعوةً منهم يسعد بها، أو تثبيتٍ في  ساعة أحوج ما يكون لتثبيته، أو تثبيتٍ لأهله وحثهم على الصبر على مُصابهم والاحتساب.

الإلحاح في حضور أهل الفضل.

قال الحافظ في شرح هذا الحديث: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ امْتَنَعَ أَوَّلًا مُبَالَغَةً فِي إِظْهَارِ التَّسْلِيمِ لِرَبِّهِ، أَوْ لِيُبَيِّنَ الْجَوَازَ فِي أَنَّ مَنْ دُعِيَ لِمِثْلِ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ، بِخِلَافِ الْوَلِيمَةِ مَثَلًا. اهـ.

تعزية المصاب بهذه الألفاظ: « لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ».

وهذا أفضل أنواع التعزية؛ لأنها هي التي علمَنَاها نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

حث المصاب على الصبر والاحتساب وعدم الجزع والتسخط على قدر الله.

وفيه كما قال العيني في «عمدة القاري» (8/75): أَمْرُ صاحب المصيبة بالصبر قبل وقوع الموت؛ ليقع وهو مستشعر بالرضا، مقاومًا للحزن بالصبر. اهـ.

شدة الموت؛ ولهذا في هذا الحديث: «تَقَعْقَعُ»، قال الحافظ في شرح هذا الحديث: أَيْ: تَضْطَرِبُ وَتَتَحَرَّكُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كُلَّمَا صَارَ إِلَى حَالٍ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ يَصِيرَ إِلَى غَيْرِهَا.

البكاء  شفقة بالمبتلى والمصاب وأنه رحمة من الله، والمنهي عنه بكاء النياحة.

التحذير من قسوة القلوب وأن الجزاء من جنس العمل، فمن رحم الخلق رحمه الله، «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ».