جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 30 ديسمبر 2019

(74)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ




﴿إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (98)﴾ إلى قوله تَعَالَى:﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)﴾

من فوائد هذه الآيات الكريمات

1.  خطر الشرك بالله عز وجل.

2.   توبيخ المشركين ومحاجتهم على شركهم  إذ لو كان الذين يعبدونهم يستحقون العبادة لما كانوا في النار العابدين والمعبودين،فعجزهم دليل أنهم غير مستحقين للعبادة.

وفي آيات أخرى كثيرة فيها محاجَّةُ المشركين على عبادتهم غير الله:

أنهم إذا كانوا لا يملكون ضرًا ولا نفعًا فكيف يُعبَدون من دون الله .قال تعالى:﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ﴾[يونس:18 ].

أن من لا يخلق فإنه لا يستحق العبادة قال سبحانه:﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾[النحل:17].

أن من لا ينطق ولا يسمع ولا يبصر لا يكون مستحقًّا للعبادة.قال سبحانه في شأن العجل الذي عبده بنو إسرائيل:﴿ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾[طه:89 ].

أن معبوديهم فقراء لا يملكون الأرزاق قال سبحانه في سورة سبأ:﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾.

أن معبوديهم لا يملكون شيئًا فالملك كله لله في الأولى والأخرى قال تَعَالَى:﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ [فاطر].

﴿ قِطْمِيرٍ ﴾:القشرة (اللفافة) التي تكون على النواة. 
وهذا كله دليل على إفراد الله بالعبودية وحده،واجتناب الشرك.

3.  وفيه خلود المشركين في النار، وقد بيَّن أهل العلم أن دخول المعبودات الجمادات من الأشجار والأحجار في النار أنه من باب توبيخ المشركين وتقريعهم، وزيادة في تعذيبهم.

4.   حال أهل النار وماهم فيه من الأنين والصراخ والأصوات لشدة آلامهم وتعبهم فلهم أصوات تشبه نهيق الحمار. الحمار عندما ينهق يخرج له صوت وشهيق،فهكذا أهل النار وهذا من أشد أنواع العذاب أنهم لا يقر لهم قرار،وإن استغاثوا لا يغاثوا.

يستغيثون ويطلبون الماء كما قال تعالى:﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾[الأعراف].

يستغيثون ويطلبون الخروج إلى الدنيا ليستقيموا فلا يغاثون قال تعالى:﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾.

وإذا عرفوا أن لا خروج لهم من النار يستغيثون ويطلبون الموت قال تعالى:﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78)﴾[الزخرف]،صار عندهم الموت خيرًا من الحياة،لأن حياتهم جحيمية،فأجسادهم تلتهب بالنار وعظامهم تحترق.

وهذا بخلاف أهل الجنة فإنهم في راحة ونعيم لا يريدون أن يتحولوا عنه قال تعالى:﴿ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا﴾.



5.  أن من أوصاف أهل النار أنهم فيها لا يسمعون.

وفي معنى﴿لا يسمعون﴾ قولان:أحدهما أنهم صُمٌّ آذانهم.ويدل له قوله تَعَالَى:﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا﴾[الإسراء:97]

القول الثاني:لا يسمعون ما يسرُّهم.



6.  سعادة أهل التوحيد والإيمان فهم في أمن وسلامة من النار ويتمتعون بنعيم الجنة وملذاتها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون.

7.  أَمْنُ أهل الجنة من الفزع الأكبر وهي نفخة البعث عند جماعة من العلماء وهو اختيار ابن جرير. وقيل:الموت. وقيل: حين يُؤمر العبد إلى النار.

8.  تلقي الملائكة لأهل الجنة بالتهنئة والبِشارة وأنهم وصلوا إلى يومهم الذي وعدهم الله به. وتلقي الملائكة لأهل الجنة يحتمل أنه عند خروجهم من قبورهم، ويحتمل أنه عند دخولهم الجنة،وفيه إيناس لأهل الجنة ولطافة بهم كالذي يرحب بضيوفه ويستقبلهم بالترحيب والملاطفة.