جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 22 مارس 2019

(69)فوائد ومسائل من دروس تفسير ابن كثير رحمه الله


                   [سورة الأنبياء (21):الآيات 57 الى 63]


﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ(57)فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ(58)قالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ(59)قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ(60)قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ(61)

قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنا يَا إِبْراهِيمُ(62)قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ(63)﴾.



﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ﴾قال ابن كثير:أَيْ لَيَحْرِصَنَّ عَلَى أَذَاهُمْ وَتَكْسِيرِهِمْ بَعْدَ أَنْ يُوَلُّوا مُدْبِرِينَ، أَيْ إِلَى عِيدِهِمْ، وَكَانَ لَهُمْ عِيدٌ يَخْرُجُونَ إِلَيْهِ.

﴿فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً﴾قال ابن كثير:أَيْ:حُطَامًا كَسَّرَهَا كُلَّهَا

﴿إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ﴾يَعْنِي إِلَّا الصَّنَمَ الْكَبِيرَ عِنْدَهُمْ.

﴿لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾(أي:إلى الصنم الكبير)قال ابن كثير:«ذَكَرُوا أَنَّهُ وَضَعَ الْقَدُومَ (الآلة التي يُكسَّر بها)فِي يَدِ كَبِيرِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي غَارَ لِنَفْسِهِ، وَأَنِفَ أَنْ تُعْبَدَ مَعَهُ هَذِهِ الْأَصْنَامُ الصِّغَارُ فَكَسَّرَهَا»

﴿قالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾قال ابن كثير:أَيْ فِي صَنِيعِهِ هَذَا.

﴿قالُوا سَمِعْنا﴾قال ابن كثير:أَيْ قَالَ مَنْ سَمِعَهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَيَكِيدَنَّهُمْ.

﴿سَمِعْنَا فَتًى﴾أَيْ:شَابًّا.

﴿يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ﴾بالعيب والسب والتنقص وأنها لا تنفع ولا تضر.

﴿قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ﴾قال ابن كثير:أي على رؤوس الْأَشْهَادِ فِي الْمَلَإِ الْأَكْبَرِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ كُلِّهِمْ، وكان هذا هو المقصود الأكبر لإبراهيم عليه السّلام أن يبين فِي هَذَا الْمَحْفِلِ الْعَظِيمِ كَثْرَةُ جَهْلِهِمْ وَقِلَّةُ عَقْلِهِمْ فِي عِبَادَةِ هَذِهِ الْأَصْنَامِ. الَّتِي لَا تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهَا ضَرًّا، وَلَا تَمْلِكُ لَهَا نَصْرًا، فَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؟

﴿قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنا يَا إِبْراهِيمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾كبير الأصنام هو الذي كسرها يقوله توبيخًا لهم.

﴿فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ﴾وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا أَنْ يُبَادِرُوا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ فَيَعْتَرِفُوا أَنَّهُمْ لَا ينطقون، وأن هَذَا لَا يَصْدُرُ عَنْ هَذَا الصَّنَمِ لِأَنَّهُ جَمَادٌ.اهـ



هذه الآيات في شأن نبي الله إبراهيم ودعوته إلى توحيد الله عزوجل ومحاجته  لقومه في عبادتهم للأصنام وأنها حقيرة لا تستحق أن تعبد من دون الله عز وجل،وكما قال تعالى:﴿ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89) ﴾
وقال عزوجل عن نبيه إبراهيم:﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) ﴾[مريم]وقال تعالى :﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148) ﴾ [الأعراف]. 
وقال سبحانه: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ﴾ [يس:75]. وقال تعالى: ﴿وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ﴾ [الأعراف:192].
 وفي آيات أخرى يحاجُّ  ربنا سبحانه المشركين أن معبوديهم من دون الله  ليس لهم ملك .قال الله عز وجل وهو أصدق القائلين:﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ [فاطر:13]. وقال عز وجل: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ﴾ [سبأ:22].

 أي:من كان يفقد ذلك فلا سمع له ولا بصر ولا كلام ،وليس بيده الضر والنفع  ،ولا بيده الملك فإنه لا يستحق أن يُتَّخذ إلهًا من دون الله سبحانه ،الذي يستحق العبادة هو الله وحده لأن بيده الضر والنفع ويتكلم ويسمع ويبصر،وبيده الملك وهو على كل شيء قدير.


فائدة:ذكر ابن كثير رحمه الله أثرًا  عن ابن عباس في تفسير هذه الآيات


قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ قَابُوسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:مَا بَعَثَ الله نبيا إلا شابا ولا أوتي الْعَلَمَ عَالِمٌ إِلَّا وَهُوَ شَابٌّ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ﴿ قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ ﴾.

و(مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ)الطائي.
(سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ)صاحب السنن.
(جرير بن عبدالحميد)الضَّبِّي.
(قَابُوسٍ)ابن أبي ظبيان ضعيف.
(عن أَبِيهِ)أبو ظبيان.
 إسناده ضعيف بسبب قابوس.