جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 23 يناير 2018

(11)أَوصَافُ طالبِ العلمِ الشرعِي


                   من المحبرة إلى المقبرة



عَنْ أَنَس بن مالك رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ: مَنْهُومٌ فِي عِلْمٍ لَا يَشْبَعُ، وَمَنْهُومٌ فِي دُنْيَا لَا يَشْبَعُ» رواه الحاكم في «المستدرك» (312).

في هذا الحديث العظيم :أن اثنين لا يقنعان:

طالبُ علمٍ لا يقنع  ولا يشبع ولا يَروى من العلم حتى يموت.

وطالبُ دنيا لا يشبع منها حتى يموت.

والذي يطلب العلم أحق بالهمة والرغبة الدائمة لأنه يلتمس الفضائل وطريق السعادة والجنة.

بخلاف الدنيا وحطامها فالإقبالُ عليها مهلكةٌ، وغفلة عن الله وذكره  ،وابتعاد عن الآخرة.وهي أيام قليلة ثم تنقضي وكأن لم تغنَ بالأمس، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور.

وكل من عرف فضل العلم وشرفه ومنزلته فإن همتَه تعلو ولا تنقص ولا ينتهي شَبَعُه منه.

2-عن سفيان الثوري يقول: لا نزال نتعلم العلم ما وجدنا من يعلِّمُنا.

أخرجه  أبونعيم في «الحلية» (6/317): والأثر حسن.



3-عن  عبدالله بن أحمد بن حنبل يقول: ما زال القلم في يد أبي حتى مات.رواه الخطيب في «الكفاية» (1/رقم574)بسند حسن.



4-كان عبدالله بن المبارك يكتب عمن دونه مثل رشدين بن سعد، وغيرهم.

 فقيل له: يا أبا عبدالرحمن كم تكتب؟

 قال: لعل الكلمة التي تقع فيها نجاتي لم تقع إليَّ. والأثر ثابت.

5- سمعت والدي الشيخ مقبل رحمه الله يقول:إن شاء الله نطلب العلم حتى نموت.



وذكر ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة(1/74) آثارًا في هذا المعنى يُنظر في حالها وهي:

قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد الْبَغَوِيّ سَمِعت أحْمَد بن حَنْبَل رضى الله عَنهُ يَقُول:إِنَّمَا اطلب الْعلم إلى أن أدخل الْقَبْر .

وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الصَّائِغ: كنت أصوغ مَعَ أبي بِبَغْدَاد فَمر بِنَا أحْمَد بن حَنْبَل وَهُوَ يعدو ونعلاه فِي يَدَيْهِ فَأخذ أبي بِمَجَامِع ثَوْبه فَقَالَ: يَا أبا عبد الله ألا تَسْتَحيي إِلَى مَتى تعدو مَعَ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ إِلَى الْمَوْت .

وَقَالَ عبد الله بن بشر الطَّالقَانِي: أرجو أن يأتيني أَمر ربي والمحبرة بَين يَدي وَلم يفارقني الْعلم والمحبرة .

وَقَالَ حميد بن مُحَمَّد بن يزِيد الْبَصْرِيّ: جَاءَ ابْن بسطَام الْحَافِظ يسألني عَن الحَدِيث فَقلت لَهُ مَا اشد حرصك على الحَدِيث. فَقَالَ: أَوَ مَا أحب أن أكون فِي قطار آل رَسُول الله .

وَقيل لبَعض الْعلمَاء: مَتى يحسن بِالْمَرْءِ أن يتَعَلَّم؟

 قَالَ: مَا حسنت بِهِ الْحَيَاة.

 وَسُئِلَ الْحسن عَن الرجل لَهُ ثَمَانُون سنة أيحسن أن يطْلب الْعلم؟ قَالَ إِن كَانَ يحسن بِهِ أن يعِيش.اهـ

وهذه صفةٌ عزيزة وخصلةٌ نبيلة الثبات على طلب العلم حتى الممات. وقد روى مسلم (782)  عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: «أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ».

 ومن ثبتَ نبتَ.

وما أكثر الذين ينقطعون عن طلب العلم بسبب عوائق أو علائق الدنيا ،وأكثر سبب هو التهالك في الدنيا ومتاعها الفاني .

وقد قسَّم الأعمش رحمه الله طلبة العلم إلى ثلاثة أقسام.

 قال إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي : كثر من يطلب الحديث في زمن الأعمش، فقيل له: يا أبا محمد، ما ترى ما أكثرهم؟

 قال: لا تنظروا إلى كثرتهم، ثلثهم يموتون، وثلثهم يلحقون الأعمال، وثلثهم من كل مائة يفلح واحد. رواه الخطيب في«جامعه» (1/96)بسند حسن.

واللهَ أسألُ أن يعينَنا ويسهِّل لنا طريق العلم وأن يعيذنا من فتنة المحيا والممات.