خلافة أبي بكر الصديق أفضل هذه الأمة بعد نبيِّها
سمعت والدي رحمه الله
يقول: خلافة أبي بكر الصديق فيها إشارات
من الأدلة ،وليست نصًّا .
وكان من الألة التي
يذكرها رحمه الله في المسألة .
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَرَضِهِ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ» قَالَتْ
عَائِشَةُ: قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ
مِنَ البُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ
لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ
النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ، فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ
صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ» فَقَالَتْ حَفْصَةُ
لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. رواه البخاري (679)، ومسلم
(418).
عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ
رضي الله عنه، قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ؟
كَأَنَّهَا تَقُولُ: المَوْتَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ لَمْ
تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ». رواه البخاري (3659)، ومسلم (2386).
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا، أنها قَالَتْ للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَا
رَأْسَاهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاكِ لَوْ
كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرَ لَكِ وَأَدْعُوَ لَكِ» فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَا
ثُكْلِيَاهْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ، لَظَلِلْتَ
آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ، لَقَدْ هَمَمْتُ - أَوْ أَرَدْتُ
- أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ: أَنْ يَقُولَ القَائِلُونَ
- أَوْ يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ - ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ المُؤْمِنُونَ،
أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى المُؤْمِنُونَ». رواه البخاري (5666).
------------
قلت: قال ابن أبي العز
رحمه الله في «شرح الطحاوية»(481): اخْتَلَفَ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي خِلَافَةِ
الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَلْ كَانَتْ بِالنَّصِّ، أَوْ
بِالِاخْتِيَارِ؟ فَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ
الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّهَا ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ الْخَفِيِّ وَالْإِشَارَةِ،
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ :بِالنَّصِّ الْجَلِيِّ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ
أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ إِلَى أَنَّهَا ثَبَتَتْ
بِالِاخْتِيَارِ.اهـ
وسواء كان هذا أو ذاك
فأهل السنة مجمعون على أن الأحق بالخلافة بعد الرسول صلى الله عليه
وعلى آله وسلم
أبو بكر الصديق ،وإنما أردنا هنا معرفةَ اختيارِ والدي في هذه المسألة .