بسم الله الرحمن الرحيم
مُباحٌ ، لِما أخرجَ البُخاري(1280)ومسلِم (1486)عَنْ زَيْنَبَ
بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَتْ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ أَبِي سُفْيَانَ مِنَ
الشَّأْمِ، دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِصُفْرَةٍ فِي
اليَوْمِ الثَّالِثِ، فَمَسَحَتْ عَارِضَيْهَا، وَذِرَاعَيْهَا، وَقَالَتْ: إِنِّي
كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً، لَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلَّا عَلَى
زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» .
وقوله (عَارِضَيْهَا )قال ابنُ الجوزي في كشف
المُشكل من حديث الصحيحين (4/ 431) :العارضان هَاهُنَا: الخدان، والعارض يَقع على
مَا يُقَابل الْخَدين من الْأَسْنَان من دَاخل.
وروى البُخاري(5338)ومسلم (1488) عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ
أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا –أم سلمة رضي الله عنها-، أَنَّ امْرَأَةً
تُوُفِّيَ زَوْجُهَا، فَخَشُوا عَلَى عَيْنَيْهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الكُحْلِ، فَقَالَ: «لاَ
تَكَحَّلْ، قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي شَرِّ أَحْلاَسِهَا أَوْ شَرِّ
بَيْتِهَا، فَإِذَا كَانَ حَوْلٌ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعَرَةٍ، فَلاَ حَتَّى
تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ». .
دلَّ هذان الحديثان أن المرأة لا تتزين عند وفاة زوجها
أربعة أشهر وعشر .
ودلَّ حديثُ أمِّ حبيبةَ أنه يباح عند وفاة غير الزوج ثلاثة
أيام .
وهذا من رحمة الله لأن النفس يشقُّ عليها الزينة في وقتِ
الحُزن الشديد فجاءتْ الشريعةُ السمحةُ بجواز ثلاثة أيام دون ما فوقها .
فهذا هو الذي جاء فيه الدليل في ترك الزينة .
أما المطلقة فيجوز لها التزيُّن سواء كان الطلاق
رجعيَّاً أو طلاقاً بائناً .
وقد أجمعوا أن المطلقة الرجعية لا إحداد عليها نقل
الإجماع النووي في شرح صحيح مُسلم في شرح أحاديث الإحداد على الزوج .
وكذلك الشوكاني رحمه الله في السيل الجرار(1/ 434)يقول: وأما المطلقة رجعيا فلا إحداد
عليها بالإجماع .
وأما المطلقة بائناً وهي التي طلقها زوجُها ثلاثاً
فمختلف فيه قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : وَاخْتَلَفُوا فِي
الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فَقَالَ عَطَاءٌ وَرَبِيعَةُ ومالك والليث والشافعى وابن
الْمُنْذِرِ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا .
وَقَالَ الْحَكَمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ
وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ .
قال: وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ .
وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ
أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ وَلَا عَلَى الْمُتَوَفَّى
عَنْهَا وَهَذَا شَاذٌّ غَرِيبٌ.
قال: وَدَلِيلُ
مَنْ قَالَ لَا إحداد عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى الْمَيِّتِ فَخَصَّ الْإِحْدَادَ بِالْمَيِّتِ
بَعْدَ تَحْرِيمِهِ فِي غَيْرِهِ .
قال الشوكاني في
السيل الجرار :وهو الحق لعدم ورود دليل يدل على ذلك فيجب البقاء على البراءة الأصلية
ولا يخرج منها إلا من ورد النص بالوجوب عليه وهو المتوفى عنها فقط .
نعم ورد ما يدل
على جواز الإحداد على الميت وإن كان غير زوج لكن ثلاثة أيام فقط اهـ المراد.