جديد الرسائل

الخميس، 19 نوفمبر 2015

حديث: (رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا ..)عند سماع الأذان

بسم الله الرحمن الرحيم
ثبت في صحيح مسلم (386) عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ» .
وفي رواية لمسلم " مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ .
أي يقول :وأنا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ..
وقد اختلف العلماء في وقت هذا الذكر هل هو عند ذكر المؤذن الشهادتين
أم أن المراد بعد الأذان ؟.
وقد ذهب إلى القول الأوَّل الشيخ ابنُ عُثيمين في الشرح الممتع (2/ 86 ) يقول رحمه الله :وفي أثناء الأذان إذا قال المؤذِّن: «أشهد أنْ لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمداً رسولُ الله» وأجبته تقول بعد ذلك: «رضيت بالله رَبًّا وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً» كما هو ظاهر رواية مسلم يعني حديث سعدابن أبي وقَّاص .
قال :وفي قوله: «وأنا أشهد» دليلٌ على أنه يقولها عقب قول المؤذِّن: «أشهد أنْ لا إله إلا الله» ، لأنَّ الواو حرف عطف، فيعطف قولَه على قولِ المؤذِّن. فإذاً؛ يوجد ذِكْرٌ مشروع أثناء الأذان.
قلت: ويُحتمل أنَّ المراد بقوله يسمع أي يُجيب المؤذن قال القاري في مِرْقاة المفاتيح (2/ 562 ) بعد أن ذكر بعض الاحتمالات :وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى يَسْمَعُ: يُجِيبُ، فَيَكُونَ صَرِيحًا فِي الْمَقْصُودِ وَأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الثَّوَابَ الْمَذْكُورَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْإِجَابَةِ بِكَمَالِهَا مَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ كَهَذِهِ الشَّهَادَةِ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ رُبَّمَا يَفُوتُهُ الْإِجَابَةُ فِي بَعْضِ الْكَلِمَاتِ الْآتِيَةِ.
وقال السندي في حاشيته على سنن ابنِ ماجة (1/ 245) : قَوْلُهُ (مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ )الظَّاهِرُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ سَمَاعِ أَذَانِهِ وَإِلَّا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِثْلِ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ حَالَةَ الْأَذَانِ مُشْكِلٌ .
وكذا نصَّ الصنعاني رحمه الله في سُبُل السلام (1/ 195 ) :أنه يُقال بعد الأذان .
وهذا ما تعلَّمناه من والدي الشيخ مقبل رحمه الله أنَّهُ يُقالُ بعد الأذان .
مثل حديث جابر بن عبدالله في صحيح البخاري(614) : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ " .
فقوله في حديث جابرٍ رضي الله عنه (مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ ) أي  حين يُجيبه كما جاء مبيناً في صحيح مسلم (384) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» .
ولنحرص على متابعة المؤذن وقول الذكر الوارد بعد المتابعة ،ولا نكون من الغافلين عن الخير والمسابقة إلى السعادة وجنة الخُلد ،ولا نقدِّم عليه أيَّ شيءٍ سواء كنا في ذكرٍ أودرسٍ أوقراءة قرآن  إلا إذا كُنَّا في الصلاة فلا ننشغل بغيرها (إن في الصلاة لشُغلاً ).
ويُستثنى من كان  في آخر الصلاة وكان الفصل قليلاً بين المتابعة وبداية الأذان فممكن أن يَتدارك متابعةَ المؤذن ويتابعُهُ بعد ما يُسلِّم من صلاته  والله أعلم.

أم عبدالله بنت الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله /8/من شهر صفر 1437.