بسم الله الرحمن الرحيم
أخرج البخاري (198) ومسلم (418) واللفظ لمسلم عن
عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
" أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَاسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِهَا
وَأَذِنَّ لَهُ قَالَتْ: فَخَرَجَ وَيَدٌ لَهُ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ
وَيَدٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، وَهُوَ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ فِي الْأَرْضِ
" .
فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ
عَبَّاسٍ فَقَالَ: «أَتَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ هُوَ
عَلِيٌّ».
علَّقَ والدي في أثناء الدرس على قوله (
فَخَرَجَ وَيَدٌ لَهُ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَيَدٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ
آخَرَ) .
وقال: لم تُسمِّ عائشةُ رضي الله عنها الرجلَ الآخرَ
لأنَّها أخذَتْ في نفسها على عليِّ ابن أبي طالب رضي الله عنه لمَّا استشارهُ
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حادثة الإفك في عائشةَ كما في الصحيحين (
...فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ ابْنَ أَبِي
طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْتَشِيرُهُمَا
فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ
فِي نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ لَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلُكَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ، وَلاَ نَعْلَمُ وَاللَّهِ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ
أَبِي طَالِبٍ فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ،
وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ) .
قلتُ :وهذا الذي قاله علي رضي الله عنه من رحمته بالنبي
صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشفقته عليه لِما رأى مِن قلقِه وليس حطَاً من قدر
أمِّ المؤمنين أو إساءة بها رضي الله عنهما وأرضاهما .
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : هَذَا الَّذِي
قَالَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ الصَّوَابُ فِي حَقِّهِ لِأَنَّهُ
رَآهُ مَصْلَحَةً وَنَصِيحَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
اعْتِقَادِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُ رَأَى
انْزِعَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْأَمْرِ
وَتَقَلُّقَهُ فَأَرَادَ رَاحَةَ خَاطِرِهِ وَكَانَ ذَلِكَ أَهَمَّ مِنْ غَيْرِهِ
اهـ
وقد كان بين أم المؤمنين وعلي ابن أبي طالب رضي الله
عنهما من تبادُّل المودة والاحترام ولعائشة رضي الله عنها إحالات على علي ابن أبي
طالب رضي الله عنه في الفتاوى .
ومن ذلك ما أخرجه مسلم (276)عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ،
قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ،
فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ
مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ:
«جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ» .
وفي رواية لمسلم عَنْ شُرَيْحِ بْنِ
هَانِئٍ، قَالَ سَأَلْتُ عائشةَ، عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ:
ائْتِ عَلِيًّا فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي ..
ويا قاتل الله الرافضة الذين يطعنون في أم المؤمنين
الطيبةِ الطاهرةِ المبرَّأةِ من فوقِ سبع سماوات .
اللهمَّ إنا نتوسلُ إليك بحبِّنا لأم المؤمنين أن
تُصلِحَ بلدَنا وأن تأخذ على أيدي المفسدِين فيها أخذَ عزيز مقتدر أو تهديَهم .
أم عبدالله بنت الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله 6/من
شهر صفر 1437.
