جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 4 نوفمبر 2019

(40)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله


النية تحتاج إلى معالجة شديدة


سمعت والدي رحمه الله يقول وهو في الدرس على كرسيه: الله المستعان قد نجلس للدرس ولا نستحضر النية.



قلت:وفي هذا المعنى بعض الآثار عن أئمةٍ كبار:

عن  أبي مزاحم الخاقاني يقول: قيل لأبي الأحوص سلام بن سليم: حدثنا. فقال: ليست لي نية. فقالوا: إنك تؤجر فقال:

يمنوني الخير الكثير وليتني

نجوت كفافًا لا عليَّ لا لِيا


رواه الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (694)بسندٍ صحيح.

عن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي يقول: والله ما أستطيع أن أقول: إني ذهبت يومًا قط، أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل.

ذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء»ترجمة هشام الدستوائي وعلَّق عليه: قلت:وأنا والله .

وعلَّق الذهبي في «تاريخ الإسلام»(4/244)على الأثرأيضًا،وقال: قُلْتُ: هَذَا يقوله مَعَ شهادة شعبة، وما أدراك مَا شعبة، لَهُ بإخلاص النيّة.اهـ

وأثر شعبة الذي أشار إليه الذهبي عند ابن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (155)عن شعبة بن الحجاج يقول: ما من الناس أحد أقول: إنه طلب الحديث يريد الله عزوجل به إلا هشام صاحب الدستوائي.

قال: وكان هشام يقول: ليتنا ننجو من هذا الحديث كفافًا لا لنا ولا علينا.

قال شعبة: إذا كان هشام يقول: هذا، فكيف نحن؟!

والأثر صحيح.



تحذير الطالب من الغرور والإعجاب


قد يثني والدي على من يراه نجيبًا ،لكنه يقول:لا تغتر يا بني بما أقول.


وسمعته رحمه الله يقول:لا يأمن أحد على نفسه من النفاق إلا مغرور.





الفلسفة والسفسطة


الفلسفة: مأخوذة من فيلسوف، كلمة يونانية معناه محب الحكمة.


والسفسطة: إنكار المعلومات.

 حتى إنهم ذكروا أن شخصًا مات وله ولد فبكى فقيل له في ذلك، فقال: لأنه مات قبل أن يقرأ كتابي (المعلومات) فقيل له: وما أدراك أن لك ولدًا مات، وأن لك كتابًا.


وآخر من البُله يربط نفسه من أجل ألا يأتي واحد فيبدله، فواحد ذكي لما نام جاء وأخذ السير فوضعه في عنقه، فاستيقظ فلم يجده ووجده في عنق الآخر، فقال له: أنت أنا، وأنا أنت.


وبأي شيء استدلوا على إنكار المعلومات؟

قالوا: هزة الشمس، وترى صورتك في البحر وما هو أنت.



قلت:قد ذكر هذه المسألة ابن الوزير  في «إيثار الحق على الخلق» (ص39)،وقال:

اعلم أن منكري العلوم لم ينازعوا في حسن العمل بها، بل ولا في وجوبه، فإنهم انتفعوا بالأبصار وتوقَّوا بسببها الوقوع في الماء والنار وسائر المهلكات والأخطار.


ومن عجائب ما يُروى عن نفاة العلم أن بعضهم صنَّف كتابًا في «نفي العلوم» ومات له ولد قارب الحلم، فقال: إنما أسف لموت ولده قبل أن يقرأ كتابه في «نفي العلوم».
 فقيل له: وما يدريك أنه كان لك ولد، وأنه قد مات وأنه يقرأ، وأنك موجود، وأنك صنفت كتابًا؟!
 فلم يدرِ ما يقول.

ومن سخفِ هؤلاء لم يذكر الله سبحانه الرد عليهم في كتابه ولا رسله وإنما قدمت ذكرهم عبرة لك ... إلخ كلامه.