جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 20 أكتوبر 2024

(164)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

 

                             من أسماء الله وصفاته

 

 

قال تَعَالَى: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ ([1])[الحديد:3].

 

هذه الآية فيها خمسة أسماء لله عَزَّ وَجَل، وكل اسم متضمن لصفة.

 

 وقد فسر النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ هذه الأسماء الأربعة الأولى، وقال: «اللهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ» رواه مسلم (2713) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

 

فاسم الله الأول: فيه صفة الأولية لله عَزَّ وَجَل، وهو الذي لم يُسبق بعدم، وكما قال النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ». رواه البخاري (3191) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما.

 

واسم الله الآخر: فيه صفة الآخرية لله عَزَّ وَجَل، فالله سُبحَانَهُ الآخر الذي ليس بعده شيء.

 

واسم الله الظاهر: فيه صفة الظاهرية، والظهور بمعنى العلو، قال تَعَالَى عن يأجوج ومأجوج: ﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)[97:الكهف]، فالله سُبحَانَهُ فوق كل شيء.

 

واسم الله الباطن: فيه صفة الباطنية، وهو يدل على صفة المعية، فعلو الله سُبحَانَهُ لا ينافي قربه من خلقه.

قال الشيخ ابن عثيمين في «شرح العقيدة الواسطية»(1/161): تأمل هذه الأسماء الأربعة، تجد أنها متقابلة، وكلها خبر عن مبتدأ واحد لكن بواسطة حرف العطف، والأخبار بواسطة حرف العطف أقوى من الأخبار بدون واسطة حرف العطف، فمثلًا: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)﴾ [البروج: 14 - 16]، هي أخبار متعددة بدون حرف العطف، لكن أحيانًا تأتي أسماء الله وصفاته مقترنة بواو العطف.

 وفائدتها:

أولًا: توكيد السابق؛ لأنك إذا عطفت عليه، جعلته أصلًا، والأصل ثابت.

ثانياً: إفادة الجمع، ولا يستلزم ذلك تعدد الموصوف، أرأيت قوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى  [الأعلى: 1 - 3]، فالأعلى الذي خلق فسوى هو الذي قدر فهدى. اهـ.

 

وقوله: ﴿ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ هذا الاسم الخامس، وفيه إثبات صفة العلم لله سُبحَانَهُ، وأن علمه محيط بكل شيء.

 

قال الشيخ ابن عثيمين في «شرح العقيدة الواسطية»(1/ 163): هذا إكمال لما سبق من الصفات الأربع، يعني: ومع ذلك، فهو بكل شيء عليم.

[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]