جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 5 يونيو 2024

(146)الإجابة عن الأسئلة

 

سائلة تسأل هل يجوز أن يضحي ابني عني، مع العلم أنه لا يضحي عن نفسه، لعدم توفر مال أضحيتين لديه وهم في بيتين مفترقين؟

 وهل كل منهم لا يقص شعره وظفره؟

الجواب

مسألة الجواز يجوز أن يُضحِّي الابن عن أمه التي لا يسكن معها في نفس البيت ولو لم يُضَحِّ عن نفسِهِ، وهذا بِرٌ عظيم، وإيثار للأم على النفس والولد، ﴿وبالوالدين إحسانًا .

أما من كان يسكن مع أمه أو أبيه في بيت واحد فإن الأضحية تجزئهم جميعًا.

روى ابن ماجه (3147) عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا فِيكُمْ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَ كَمَا تَرَى».

وروى ابن ماجه (3148) عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ، قَالَ: «حَمَلَنِي أَهْلِي عَلَى الْجَفَاءِ بَعْدَ مَا عَلِمْتُ مِنَ السُّنَّةِ، كَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ يُضَحُّونَ، بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ، وَالْآنَ يُبَخِّلُنَا جِيرَانُنَا».

 يبخلوننا: أي ينسبوننا إلى البخل في الاقتصار على أضحية واحدة عن أهل البيت.

ثم الأضحية مستحبة وليست واجبة. لحديث أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» رواه مسلم (1977).

قَالَ الشَّافِعِيُّ: هذا دليل أن التضحية ليست بواجبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وَأَرَادَ»، فَجَعَلَهُ مُفَوَّضًا إلَى إرَادَتِهِ، وَلَوْ كَانَتْ واجبة لقال: فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ. نقله عن الشافعي النووي  في «المجموع»(8/386).

وأما الحديث الذي رواه ابن ماجه (3123)، وأحمد (8273) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا». فهذا الصحيح أنه موقوف.

قال الحافظ في «فتح الباري»(10/3): رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَالْمَوْقُوفُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ.

أما هل كل منهم لا يقص شعره وظفره؟

نحن استفدنا من والدي رحمه الله: أن النهي في حديث أم سلمة السابق يتناول المضحِّي والمُضحَّى عنه، فلا يأخذ من شعره ولا ظفره ولا بشره شيئًا.

ولأنه رَحِمَهُ الله يرى أن المنع عام، سواء ضحَّى أو ضُحِّي عنه من أهل البيت الواحد، كان ينهى أسرته أن تفعل ذلك في عشر ذي الحجة.

هذا، وأما الابن له أن يأخذ من شعره وظفره؛ لكونه ليس لديه أُضحية، والله أعلم.